ناصر الظاهري
أن تجد نفسك فجأة محط أنظار، أو ملاحقاً من قبل وسائل الإعلام، أو شركات الإعلان، أمر يمكن أن يجعل منك شخصاً مرتبكاً، وغير متوازن، لأنك لم تعمل حساباً لهذا الطارئ الجديد الذي سيغير حياتك، وإيقاع يومك، وتصرفاتك مع عائلتك، وزملائك، وربما مستقبلك.
هذا ما تفعله قصة الشبه بأحد مشهور، وهي في العادة شبيه واحد يكاد أن يكون متطابقاً، أما الـ39 الآخرون من الأربعين شبيهاً فلا وجود لهم في الحياة كثيراً، والشبيه ليس دوماً حظه في سعود، فأحياناً تكون شبيهاً لزعيم انقلاب، وهنا قد يبتسم لك الحظ مرة واحدة، لكنه بالتأكيد سيكشر لك عن أنيابه مرات كثيرة، فإن لم يغتالك المناوئون للزعيم أو تنصب لك المعارضة كميناً، وتروح فدى للقائد، فربما جاءت رصاصة مباغتة من مسدس الزعيم نفسه، وجدك على غفلة منك، تقلده في السير والكلام، وتتندر عليه، أو لأنك أخطأت في تمثيل دورك وكشف أمرك، وأعتقد أن شبيهي صدام عانوا في حياته وما زالوا يعانون بعد وفاته، والأمر نفسه ينطبق على شبيه ستالين، وقد كانت الـ«كي.جي.بي» تبحث باستمرار عن أحد شبيه بزعيم الحزب، لأن حياته تساوي أكثر من الحزب، وكانوا هؤلاء الشبيهون يقومون بأدوار كثيرة في الحياة الاجتماعية لا السياسية، خاصة في الحفلات العامة والحضور الجماهيري أو حين يمرض الرئيس، تماما مثلما يقوم الـ«دوبلير» بدور الممثل في السينما، يقوم الشبيه بدور كبش الفداء عوضاً عن الشخصية الهامة.
ومن قراءات سابقة لا أدري، هناك حفل سنوي للشبيهين بالرؤساء الأمريكيين، آخرها كان لشبيهي الرئيس السابق جورج بوش الابن والذين أتوا من كل الولايات، لكن الحقيقة أن بوش الوحيد الذي لا يشبهه أحد إلا نفسه.
بالتأكيد من سوء الطالع أن تعرف فجأة أنك تشبه ابن لادن مثلاً أو تحوم حولك شكوك بأنك تشبه الظواهري، أو البغدادي، أو الزرقاوي، فلا يهنأ لك بال في سفر، وتبقى تتوجس وترتجف أمام رجال أمن المطارات حتى يكاد يقول المريب خذوني.
الشبيهون بالشخصيات، تجد بعضهم يعيش الدور كاملاً، فيقص شعره، ويتزين، ويلبس لكي تتطابق الصورتان، وبعضهم يجري عمليات تجميل ليقرب الشبه، هؤلاء مصيدة سهلة لوسائل الإعلام، ومصوري «البباراتزي»، وبعضهم يستغل في الإعلانات التجارية، والتي بالتأكيد لا يوافق عليها، إلا بعد خروج الرئيس من السلطة، الكثير من الشبيهين حين تنطفئ الصورة الأصلية، تختفي الصورة النقلية، وبعضهم يموت بعد قليل من وفاة شبيههم الأصلي!