بقلم - ناصر الظاهري
- قلنا إن هناك مناطق يمكن للكل اللعب فيها بحرية، ولا مسؤولية، هي مناطق الرماد التي لا يحدها شيء، ولا يلزمها حكم، هي مرتع للجميع، في غفلة من الجميع، حيث يمكن للراعي أن يسرّح فيها غنمه، ويمكن للذئب أن ينشب فيها نابه، هي مغنم ما دامت في ظلال الرماد، إضفاء لون آخر عليها يفضحها، ويجعلها تحت نظر العيون، وتبين.
- مشكلتنا في التمظهر بالوظيفة، بحيث شبل صغير لا يتعدى عمره ستة وعشرين عاماً، وجد له تلك المساحة الرمادية، فغدا يحاضر في إشكالية المصطلح، ويعد بدراسات استراتيجية لتحسين الأداء المؤسسي، وفق منظور اقتصادي مرن، وقابل للانفتاح على العالم، ويحقق الوفرة والجودة معاً، ويحيط نفسه بخبير في نفس عمره، وبشخص أجنبي لزوم ذر الرماد في العيون، تعامل معه أثناء دراسته في الخارج، ورقاه هنا لدرجة مستشار، وهو لا يعرف من الاستشارة إلا النجارة.
- الآن.. هل بالضرورة أي واحد يحضر، يحضر معه استراتيجيته؟ يعني ما يقدر يشتغل من دون استراتيجية، والبعض مشكلته أنه يريد تجربة استراتيجيته علينا، وهذا يتطلب منا أن نشغله ونتحمله ونكنزه وفق خطة خمسية أولى، وخطة عشرية ثانية حتى يصل لليوبيل الذهبي، مستثمراً مرحلة الرماد، وحتى تشيب استراتيجيته التي هي والبعر الحولي سواء، حتى أقول لكم: «البعر الحولي يكسرون به أم عظيمين»، واستراتيجيته ما تساوي «آنتين».
- في فترات الرماد، كنا كل مطلع شهر نتصبح بمؤتمر عن كيفية نمو «الحبّاية» في الشرق الأوسط، ونتمسى بملتقى لخبراء نقع الحنظل في الماء «المفلتر» أو تأثير الياس والسدر على ربات الخدر، ملتقيات كانت بعدها توصيات، وقبلها استضافات، وبينها دفعات، كانت في بداياتها تهاليل وتغطيات، وفي نهاياتها قبض الريح والسلامات.
- لوّنوا مناطق الرماد، لأنه من خلالها يمرق المستظرفون، والمستذئبون، وآكلو السحت، وأصحاب الاستراتيجيات «الشيط ميط»، والمستثمرون، والمتفيقهون، وراكبو الصعب والوعر، الهمازون، المشاؤون بنميم.. مناطق الرماد، هي من أجمل التضاريس الجغرافية في منطقة الشرق الأوسط، وإحدى أهم مناطق الجذب السياحي عندنا!