نشرة غالية وبنديرة عالية 1

نشرة غالية.. وبنديرة عالية -1-

نشرة غالية.. وبنديرة عالية -1-

 صوت الإمارات -

نشرة غالية وبنديرة عالية 1

بقلم : ناصر الظاهري

الشعراء العظماء لا يُرثَون، هم باقون في الذاكرة، ويتوالدون، هم أشبه بشعاع من معرفة ونور أو خيوط تصطفيها الحكمة، وتتبع وهج القلم وظل حرف النون، وإلا ما الذي يجعل المتنبي يحضر في وقتي هذا؟ ما الذي يجعل الماجدي بن ظاهر حاضراً وشاهداً على زمني ووقتي هذا؟ لِمَ يحضر الشابي حين يتوجع الوطن والإنسان؟ ولِمَ يشخص الجواهري حين تدفن نخلة في البصرة، وحين يراق ماء وجه العراق؟

هم الشعراء الحقيقيون، وعوشة الشاعرة، فتاة العرب، عوشة السويدي، شاعرة الجزيرة، هي واحدة منهم، تعددت الأسماء والصفات، والشخص واحد، أتذكرها حينما أريد أن أسمع كلمة أصلية صافية كماء نبع، متسلل من بين شقوق صخور الجبل أو منحدر في بطن واد، أتذكرها حين يدخل الصيف، وتهلّ تباشيره، برطبة «النغال» أو «الشحام» أو حين تسبق «البقول» ببواكيرها في نخيل ما زالت تؤنس ظليل واحة العين، وجوارها المعترض والمويجعي والجيمي والقطارة وهيلي والمسعودي ومِزْيَدْ، وسكيك بيوتها المشرعة ليل نهار، أتذكرها حين يطلّ أهل الساحل مظعنين، وهم يحضرون صيف العين أو كما يسمونها «أعّمان»، محملين بشفايا البحر، وطيب الدار، وناسها الغالين، أتذكرها حين أتذكر سماحة أهلها الأولين:
بو حيايين عطايف.... لابس الشيل الرهايف

ولي قعد بين الولايف.... تنظر الحشمة عليه

أتذكرها كنجمة دائمة السفر، لا أحبها أن تغيب، كنغمة أنيسة وسرّاية في ليل البر الموحش، تستضيء بها أقدام الراحلين والمسافرين، أتذكرها حين تستعصي الأحلام، وتعنّ على البال أشياء الوطن، وتفاصيل الناس الجميلين:

أحاول النوم عيني بالغصايب.... وليل الشوق للخالين طايب

عسى طيف يوافي عن حبيبي.... ولو حلم الكرى يصبح جذايب

بساله عن حاله في محاله.... وكيف الود عنده والرغايب

عوشة.. كوردة برائحة الفل والكادي من بلادي، عوشة كنخلة استفاقت على الماء، واستقامت على الظل، كسحابة شرود تغافل نوّ البحر، وسموم الرمال، ونسائم سهل الجبل، هي للوطن كله، من بره إلى بحره، وللمزيون فيه، هي شامة على خد الوطن، هي هامة، وعلامة للقاصي والداني، حين تغيب الطرق، وتضّيع الخطى مسارها.

هناك نساء غاليات على القلب، ماكثات دوماً.. وأبداً عند جهة الشمال، لا يغادرنها، وشارفات على الرأس، وهنّ عمائم العز، عوشة تفرح أن تشيلها، ولوحدها، لأنها فخر الرأس وتاجه، أحب أن أتذكرها كلما قاضت نخلة في العين، وبشرت أختها في ليوا، ودارت «مخرافة الرطب» من بيت إلى بيت، أحب أن أتذكرها كلما رنّ منحاز القهوة قبل صياح الديك، وقبل أذان الفجر، موقظاً صبح المنازل في وطرها القديم، أحب أن أتذكرها بطعم الهيل والزعفران، وبكسر رائحة فنجان القهوة بحبة قرنفل أو مسمار أو بخضة من يد ارتوت أو اكتفت، مردفة بالشكر، وبادئة بالسؤال.

المصدر : جريدة الاتحاد

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نشرة غالية وبنديرة عالية 1 نشرة غالية وبنديرة عالية 1



GMT 13:47 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

العودة للمدارس

GMT 13:47 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

هلا.. بالمدارس

GMT 13:45 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

لأمهات الشهداء.. ألف.. ألف تحية

GMT 13:44 2018 الأحد ,02 أيلول / سبتمبر

وقل "ليتني شمعة في الظلام"!

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates