بقلم : ناصر الظاهري
بعدما مهر حياته العملية بخمسين عاماً من العطاء والبذل والريادة والإبداع، وجب علينا التقدير والفخر بمنجزات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي على مستوى الإمارة، حيث ارتقت في عهد سموه لتصبح دبي مدينة عالمية، بمقاييس متفردة، متجاوزة مدناً أسبق منها، وأقدم منها، غير أنها حرقت المراحل متصدرة المراكز الأولى، ومراهنة دائماً على التفوق، وليس النجاح وحده، وهو الأمر ذاته حينما تولى رئاسة مجلس الوزراء وأدار الحكومة الاتحادية، حيث انتشلها من البيروقراطية، والتكلس الوظيفي، وترهل القطاع العام، دافعاً بها نحو سرعة الإنجاز، وسهولته، وشفافيته، وابتكاراته، معلناً بذلك تثبيت أول حكومة إلكترونية بلا ورق، تنتهج الشفافية والمحاسبة والتقدير في الوطن العربي، واليوم هي ظاهرة للعيان كحكومة مثالية على مستوى عالمي ليس بالخدمات وحدها، بل لرفاه الناس، وإسعادهم، وتوفير وقتهم، وخلق روح المنافسة، وقيم العدل والخير والتسامح؛ لذا كانت رسالة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لسموه رسالة صدق أخوية، وشكر وتقدير لقيمة العمل الوطني الذي نتوج به الرأس، ونفخر به دوماً وأبداً، و«أبو راشد» على رأس هذا العمل الوطني، وفيه، ومن خلاله، كان وما زال قدوة لأهل الإمارات، وللعرب، ولكل شخص يعشق النجاح في الحياة، ويسبقه نحو الصدارة والريادة.
وما خطته يد سموه في الرسالة الأخيرة، والتي تعد أعمدة الحكم والحكمة الثمانية لكل من سيتولى حكم دبي، لتبقى بوهجها، وجمال بريقها، وتطلعاتها، وحرصها على التميز، مع أحلام لا يقصيها المدى:
أول تلك الأعمدة، وأرسى تلك المدامك، أثقلها وأغلاها، أن الاتحاد هو الأساس، وأن الإمارات هي الوطن، الاتحاد هو البنيان، والإمارات هي السقف والسماء، ثاني الأعمدة أن لا أحد فوق القانون، يتساوى الجميع أمامه، وهو الحكم والفصل، والثالث أن دبي عاصمة للاقتصاد، ومحطة عالمية لخلق الفرص، ولمن يريد النجاح بعيداً عن السياسة، والعمود الرابع هو أن للنمو محركات ثلاثة، حكومة ذات مصداقية ومرونة وتميز، وقطاع خاص نشط ومفتوح للجميع، وقطاع شبه حكومي ينافس عالمياً، ويحرك الاقتصاد محلياً، أما الخامس فيختص بالمجتمع الذي يجب أن تكون له شخصية متفردة، ناشر للخير، يسوده الاحترام، منفتح على العالم، ويربط أركانه التسامح، والسادس أن لا نعتمد على مصدر واحد للحياة، فتنوع الاقتصاد، واستحداث كل ثلاث سنوات قطاع اقتصادي منتج ويساهم في الناتج المحلي، والسابع أن دبي أرض للمواهب، هكذا بنت نفسها، ووعدت الآخرين، وعليه يجب أن تبقى بالتجديد قبلة وملاذاً للمواهب والمبدعين في كافة المجالات، أما الثامن، فاللازم والواجب أن نفكر في الأجيال، ولا نتركهم عرضة لأي تقلبات سياسية أو اقتصادية، بل نستثمر فيهم ومن أجلهم، وندخر لهم، والقاعدة أن حكومة دبي عليها أن تمتلك من الأصول عشرين ضعف ميزانيتها السنوية على الأقل من أجل رخاء الأجيال القادمة.
دمت.. وسلمت يا «أبو راشد» ذخراً للوطن.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد