كن أنت كما تشتهي

كن أنت كما تشتهي

كن أنت كما تشتهي

 صوت الإمارات -

كن أنت كما تشتهي

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

لو جرب الإنسان أن يعيش يوماً واحداً خالياً من الغضب، وتلف الأعصاب، وابتعد فيه عن كل ما يمكن أن يوتره، وسيجدها أموراً صغيرة، وتافهة أحياناً، وأحياناً أخرى لا تساوي دفقة الدم، ولا تسارع النبض، ولا إجفال القلب المنتظم في إيقاعه، فلمَ الغضب وفي الشارع متسع؟ ولمَ القلق والله يرزق الطير في وكناتها؟ ولمَ التدافع والتسارع وارتكاب جريرة الظلم العظيمة، وأنت المحكوم بسيرورة الزمان، وصيرورة الإنسان؟
لو فقط ابتعد الإنسان في ذلك اليوم عن كل ما يمكن أن يجلب له الغم والحَزن، وتجنب قدر الإمكان كل الطاقات السلبية التي حوله، وتعامل مع حاملي تلك الروح المثبطة معاملة البعد والنأي، والباب الذي تأتيك منه الريح، لو جعل من رقصة سعفة النخيل فرحاً مواتياً، من تفتح وتزهر زاوية في المكان رزقاً أخضّر لعينيه وقلبه، لو أرسل تلك البسمة الشافية أمامه تسبقه إلى الناس، وشعر بتلك الرعشة الباردة التي تتسرب للنفس بعدها، لو تعالى على الأشياء، ووضع نفسه في رقي لا تطاله الصغائر، لو كَفّ النظر إلى ما عند الناس، وحمد وشكر على نعم كثيرة اجتباها إياه رب العالمين، وأن سعادة الدنيا تكمن في أمور كثيرة، لا على رأسها المال، ولكن أولها وآخرها الصحة، لو أن الإنسان انغمس في تلك التجربة الحياتية، وجعلها من تمارين الأيام الشاقة، ولكن في محصلتها كل الفائدة، والعافية، يمكنها أن تطور ذاته، وتشذب من ذلك الشرور الذي يسكن في زوايا ميتة من النفس، ولا يخرجه إلا الإنسان الغضوب، الجهول، ولا يفرح به إلا الإنسان الظلوم العجول، لو أن الإنسان في تجربة كن أنت كما تشتهي، قدر أن يهادن النفس، ويتصالح مع الذات، وتتساوى عنده الأمور في صباحها ومقيلها، في نهارها وليلها، لارتقى بنفسه إلى صوفية عالية نحو قطب بعيد، راضية مطمئنة، فثمن السعادة قد يكون بسيطاً، ويمكن أن نتعثر به كحجر مرمي في الطريق، فنميط الأذى، قد تكون السعادة خلف باب موارب على العفة والكفاف، وعدم إراقة ماء الوجه، فنفتحه ويكون دربنا بعده معشباً وأخضر، وأعجب من الإنسان، ضعاف الأمور تغضبه ويتقصدها ويحمل همها، وضعاف الأمور التي يمكن أن تسعده، يضل طريقها.

ليتنا نقدم على تجربة كن أنت كما تشتهي أن تعيش وتحيا، كما تحب أن تفرح وتسعد وتبقى، ولا ندع الآخرين يسيّرون نمط حياتنا، ولا يسرقون منا فرحنا، ولا يرموننا بشرر نفوسهم، فربما كانت نفوسنا أطيب وأطهر، فلم الرجس والدنس إن كنا قادرين أن نحوط أرواحنا بما ينفعها ويبرئها، فلا تضل ولا تشقى.
وفي ختام ذلك اليوم بتلك التجربة الإنسانية الصوفية بمطلقها، لينظر الإنسان إلى نفسه إن كانت بخفة جناح الطير أو أثقل، ولينظر إلى وجهه في المرآة إن كان أبهى وأجمل، حينها فقط يستطيع أن يحكم كيف تسيّر الأمور في هذه الحياة التي يود الكثير منا أن يعيشها كما يشتهيها.. ولا يعرف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كن أنت كما تشتهي كن أنت كما تشتهي



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 01:32 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

طالبات مواطنات يبتكرن جهازًا للوقاية من الحريق

GMT 05:07 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الفيصلي يقف على أعتاب لقب الدوري الأردني

GMT 08:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

اكتشفي أفكار مختلفة لتقديم اللحوم والبيض لطفلكِ الرضيع

GMT 04:05 2017 الثلاثاء ,25 إبريل / نيسان

فريق "العين" يتوّج بطلًا لخماسيات الصالات للصم

GMT 04:55 2020 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

أحمد زاهر وإبنته ضيفا منى الشاذلي في «معكم» الجمعة

GMT 18:24 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مجوهرات "شوبارد"تمنح إطلالاتك لمسة من الفخامة

GMT 05:40 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

هبوط اضطراري لطائرة متوجهة من موسكو إلى دبي

GMT 22:49 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

منزل بريستون شرودر يجمع بين التّحف والحرف اليدوية العالمية

GMT 21:38 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد وخالد بن زايد يحضران أفراح الشامسي والظاهري بالعين

GMT 04:11 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ظهور القرش الحوتى "بهلول" في مرسى علم

GMT 00:56 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

تعرف على فوائد وأضرار الغاز الطبيعي للسيارات

GMT 00:14 2015 الثلاثاء ,03 آذار/ مارس

صيحة الدانتال لمسة جديدة للأحذية في ربيع 2015
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates