بقلم - ناصر الظاهري
أما آن الأوان أن نفكر في إنشاء قناة ثقافية تلفزيونية حديثة، وغير تقليدية، ومتفاعلة مع الوسائط الجديدة، وطفرة التقانة المتسارعة!
- أما آن الأوان أن نلتفت إلى تجذير الثقافة العربية والخصوصية المحلية، ومظاهرها الثقافية والاجتماعية في عقول ونفوس الأجيال من عمر 10 - 18 سنة، وهي السنوات الطرية التي يمكن أن تشكل الشخصية، وتأخذ بيدها نحو مسلك يعزز الهوية، ويرسخ الانتماء، ويقدم القدوة الحسنة لهم، بدلاً من ترك المساحة فارغة، يملأها من يريد، ومن هو مستعد لاقتناص الفرصة، وكسب الوقت أو أقلها أن يتجه الكثير من تلك الأعمار نحو الجاهز الغربي، والمتوفر الأجنبي!
- أما آن الأوان أن تكون تلك القناة التلفزيونية الحديثة وليست التقليدية مرآة عاكسة للأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية التي تزخر بها العاصمة وبقية الإمارات، وجعلها متاحة للجميع، ومتفاعلة من قبل الجميع، بدلاً من تلك التغطيات الإعلامية الهزيلة التي هي أقرب لجبر الخواطر، والاستفادة مما ندفع عليه أموالاً باهظة للاستضافة وإجراء النشاطات الثقافية والفنية، وتوثيقه وإعادة تقديمه للفئات العمرية المختلفة كل حسب لغته واستيعابه؟
- أما آن الأوان أن تكون لدينا قناة ثقافية وفنية وفكرية وترفيهية ذات وزن ثقيل وليس هزيلاً ومتاحاً ومشاعاً مثل الآن، يديره مذيعون متخصصون، ومعدو برامج واعون، ويكون إخراجياً بطريقة فنية عالية ومدهشة، ليس مثل الآن تلك البرامج الثقافية الهزيلة والمتخشبة، وسؤال وجواب، متى كانت بداياتك الأدبية؟ وما هو آخر إنتاجك وجديدك؟ وما سر الخلاف بين أصالة وأحلام؟ أو المذيع الذي يتعاطى مع الثقافي والفني، ولا يفرق بين الجَرس الموسيقي، وجَرَس المدرسة.
- أما آن الأوان لهذه القناة الوطنية الثقافية والفنية أن ترى النور، لتعرض الأفلام العالمية المدهشة، وتشارك في نقاشها، ومعرفة حيلها وأسرارها الفنية، وما كان يجري في كواليس إنتاجها، وتفكيك عمليات الإنتاج من قصة وسيناريو ومكياج وتصوير وإضاءة وملابس ومؤثرات صوتية وبصرية، وموسيقى، وتقديمها للمشاهد كنوعية ثقافية مميزة، مثلما يمكن تقديم الروائع الموسيقية العالمية وتراث الشعوب والموسيقى الإنسانية، مثلما يمكن تقديم كتاب جديد ومفيد باستضافة الكاتب وتسليط الضوء عليه، ونقده والتحاور بشأنه من باب تشجيع القراءة أو تقديم ثقافة الجرعة أو الكبسولة أو كتاب الجيب!
- أما آن لهذه القناة الثقافية المتخصصة، والتي لا تكلف نصف تكلفة القنوات العادية أن تكون حاضنة للتراث والموروث والفلكلور والمظاهر الاجتماعية في حياتنا، وتقديمها للنشء الجديد، خاصة التي تبني الشخصية، وتعمق معاني الخير والرجولة والقيم الأخلاقية، من منظور محلي له اعتباره وخصوصيته، ويجب أن نحافظ عليه، ونورثه للأجيال الجديدة، مع حفظ اللهجة المحلية، وتثبيتها، لكي لا تفلت منا، وفي غفلة منا!
- أما آن أن تكون لدينا قناة ثقافية متخصصة وراقية، تكون نافذتنا على ثقافات الشعوب وإنتاجهم الفكري والثقافي والفني، يمكن أن نشاهد من خلالها مسرحية عرضت في «برود واي» أو نشاهد «كارمن» بعرضها الإسباني المدهش أو نستمع لفرقة فيينا الموسيقية أو ندهش مما يقدمه قارعو الطبول الكورية أو اليابانية، يمكن أن نسهر مع السيرك الروسي، لِمَ لا؟ أو نزور متحف «الارمتياج» أو نتعرف على موسيقى الشارع في أميركا اللاتينية، ميادين الثقافة ليست متكلسة ومنفرة، هذه القناة الثقافية نفسها يمكن أن تكون ناقلة للثقافة الإماراتية وما تزخر به من أشياء جميلة مدهشة للآخر، ويجهلها، بحيث لا يعرفنا إلا من خلال المباني العوالي، والمدن الحديثة، بعيداً عن التاريخ وعمق الثقافة، وزخم الحضارة!
- ذلكم جرس معلق، فمن يقرعه؟