الفراشات لا تسخو بألوانها 2

الفراشات لا تسخو بألوانها -2-

الفراشات لا تسخو بألوانها -2-

 صوت الإمارات -

الفراشات لا تسخو بألوانها 2

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

في حفلة تكسير وتحطيم محلات «كارتييه» أمام مقرها الرئيس والعتيق في باريس لكل ما جمعوه ولو بالشراء أحياناً من مدن العالم طوال عام من البضائع المختلفة والمقلدة لعلامتها التجارية الراقية، والسماح للمداحل الحديدية بالمرور عليها وتفتيتها، يعد انتصاراً للأصل ونبذ التقليد، وإن كانت بعض العلامات تفعل الأمر نفسه، لكن بعيداً عن العدسات وأجهزة الإعلام، لذا لا مبرر لأولئك الذين يتعجبون من الصفوف الطويلة للسياح والراغبين في التبضع من المحلات الراقية في المدن المشهورة، فالطابور الطويل، سواء في صيف أو شتاء أو تحت المطر أمام محلات «لوي فيتون» أصبح تقليداً يشهده شارع «الشانزليزيه»، هؤلاء المصطافون والمصطفون ينتصرون للإنسان المبدع، وصاحب الحق، ويعرفون قيمة الأشياء، ويعرفون الغرامات التي يمكن أن تقع عليهم إن تزينوا بعلامة مقلدة، ربما تساوي الغرامة ثمن البضاعة الأصلية، لذا وقوفهم وصبرهم يُعد تقديراً للمنتج الراقي.
هناك محلات متخصصة يمكن أن يطلق عليها محلات المنافذ خارج الطرق السريعة في أقصى المدن، والتي تختصر الكلمة الإنجليزية «آوت لت» ذاك الوصف الطويل، تجدها تبيع بضائع أصلية رفضتها الدور المشهورة لسبب بسيط جداً، ولا يمكن أن تراه العين غير الخبيرة، ناتج عن سوء مصنعية، وغلطة يد إنسان في لحظة سهو أو غفلة، مثل بروز خيط أو زر غير مستقيم أو اختلاف درجة لون الجلد بشيء لا يذكر، لكن لأن هذه الدور الراقية لديها مصداقية، وتقدير لعلامتها، يخفضون سعرها إلى النصف وأقل، ويتركون الآخرين يبيعونها بترخيص ورخص لا يوازي البضاعة التي تحمل التوقيع رقم واحد، فيقبل عليها الناس توفيراً في محله من وجهة نظرهم، اليوم الكثير من بضائع الدور الراقية مرقمة، ولها خط تتبع، والقطعة معروفة ومعَرّفة، بحيث لا يستطيع اللص بيعها في أي مكان.
ما أحترمه في المحلات التاريخية القديمة، وخاصة التي تنتمي لعائلات، جعلتها طوال سنوات طويلة تعيش في بحبوحة من الرزق، وبقيت هي محافظة على المهنة وتقاليدها وأسرارها جيلاً بعد جيل، وأعطت هذه العلامات التجارية عبر سنوات من التاريخ عراقة ودرجة نبالة لتلك العائلات، ولو كان جد الجد حداداً امتهن صناعة الساعات أو زارع تبغ أو مالك حقل عنب أو مربي مواش أو جالخ ألماس.
في بريطانيا أفرح حين أدخل تلك المحلات التي ظلت تعمل منذ بدايات التوسع الإمبراطوري للعرش البريطاني، وهي عبارة عن حانوت بباب خشبي قديم، وربما لم يتغير ديكوره منذ نصف قرن، ويغلب عليه الأخضر أو البني الغامق، والبائع الذي بداخله ظل يهرم وحده في المحل، لكنه يتذكر الناس، مثل تلك المحلات يمكن أن تبيع فقط بضاعة واحدة مثل «مربى الورد» أو محل مختص بـ«النشوق»، وآخر ما زال يبيع الشمع اللامع والمثبت الدهني لأطراف الشوارب، رغم انتهاء تلك الموضة من وجوه الرجال، ووجه «الجنتلمان» الإنجليزي، وإلغاء رتبة الباشوية في تركيا ومصر وبلاد الشام، وهناك محلات ما زالت تستورد الشاي نفسه من سيرلانكا والهند منذ أيام شركة «الهند الشرقية» عام 1600م، وتستعمل الأكياس الورقية البنية القديمة، وهناك محلات تبيع خيوط الأحذية فقط، وتقول كيف لها أن تربح؟ ولِمَ هي باقية منذ قرون؟ إنها العراقة التي تريد المدنية أن تدمرها بالزجاج والألومنيوم والأسمنت والإنتاج الآلي، بعيداً عن المصنعية، ويد الإنسان التي تصنع الفرق.
بإمكان الناس أن يصطادوا الفَرَاشة، لكنهم لا يستطيعون سلبها ألوانها التي تذهب معها، مثلما تقدر النار أن تجذب الفَرَاشة إلى وهجها، وتذيب أجنحتها الطائرة، لكنها لا يمكنها أن تسرق ألوانها منها، يذهب المزيف دوماً، وحده الأصلي يبقى مقاوماً للأبد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفراشات لا تسخو بألوانها 2 الفراشات لا تسخو بألوانها 2



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 08:38 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:21 2015 الأربعاء ,11 شباط / فبراير

افتتاح معرض "ألوان السعودية" المتنقل في جدة

GMT 07:14 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

الرميحي يزور جناح دولة قطر في معرض "اكسبو 2015"

GMT 20:48 2013 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج جديد فى إذاعة الشرق الأوسط عن التعديلات الدستورية

GMT 13:26 2015 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مقهى ثقافي ومسابقة تصوير في معرض كتاب شرطة دبي

GMT 11:40 2015 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

"أبوظبي للسياحة" تنظم معرض "ميادين الفنون"

GMT 07:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

جبل بوزداغ من أروع المناطق السياحية للتزلج

GMT 05:28 2016 السبت ,27 شباط / فبراير

HTC تنشر أول صورة تشويقية لهاتفها المرتقب One M10

GMT 11:02 2013 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

بحث تطوير مشروع جامعة عمان مع كامبريدج

GMT 03:34 2015 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يستقطب أكثر من 600 ألف زائر

GMT 08:27 2015 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميثاء الخياط تعرّف الأطفال بطرق قص مبتكرة في "الشارقة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates