تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

من الأشياء التي أحبها في الأسفار التصوير، وحمل الكاميرا ومعداتها وعدساتها، رغم حملها الثقيل الذي ينوء به الكتف، ويربك خطوات القدم، ويجعلك دائماً متأخراً عن رفاق السفر، وأحياناً معطلاً لانسيابية تحركهم، وإيقاع مشيهم، وكثيراً ما ينهرونك: «هِيّاك ناصر.. تراك أخرّتنا»، رغم أن ليس لديهم أي عمل لحظتها، لكن يبقى الوعد الجميل، وتمنية النفس باصطياد لقطة جميلة أو لحظة إنسانية مفرحة أو حزينة، وتجميد وقتها في إطار، وهو أمر يثلج الصدر، ويدخل السعادة إلى القلب، ويعد يومك حينها يوم سعد، وفأل خير، لكن ليست كل المدن متساوية في هذا الحظ، بعضها واعد، ويمنحك الكثير، بعضها فقير في الوجوه الإنسانية واللقطات الفنية، وبعض المدن تصبح الكاميرا بمعداتها عبئاً عليك، وتجعلك عرضة للمراقبة والمتابعة، وأقل غلطة ربما عدّوك من الطابور الخامس، رغم أن هذه البلدان معدمة من كل شيء، ولا فائدة حتى من التجسس عليها، لكنها ريبة الأنظمة الشمولية التي لها موظفوها وعلاواتها وامتيازاتها، والفرح باصطياد جاسوس أجنبي، بعدها سيجدون هم بمعرفتهم الشخص المناسب ليتهموه بالتخابر مع جهات أجنبية، لها صلات بقوى الإمبريالية، وأذنابها من القوى الرجعية.
بالمقابل هناك مدن تفرح بالكاميرا وصاحبها، وتجد له حظوة، ويستبشر به الناس، وكثيراً ما يحب البسطاء منهم أن تصطحبهم معك ضمن حقيبة سفرك، وبعض النساء تموت الواحدة منهن على أن تكون في المشهد، لكن لابد وأن تعجبها الصورة أولاً، فالمرأة عادة لا تعترف بالصورة الجميلة، بقدر ما تعتقد أن تكون هي الجميلة في الصورة، وتعب المصور الشغوف بالتقاط الصور المثيرة والمبهرة، وذات الطابع الفني، والتي يمكن أن نختصرها بالاحترافية الفوتوغرافية، لا تأتي هكذا، ولكن يقف وراءها الكثير من الأمور والموهبة والدراسة ومعرفة لغة الجماليات، وعمق الأبعاد الإنسانية والثقافية في اللقطة، لذا ما يراه المصور والإنسان العادي في مشهد استغرق دقائق تختلف ترجمته بينهما، الإنسان العادي قد يَعْبُر دون أي كلام عابر، لكن المصور المحترف لابد وأن يترك بصمته وتوقيعه على ما يمر به، فهو قادر أن يخلق من مناظر عادية ووجوه عابرة وأشياء ساكنة مواضيع ذات قيمة، وجماليات مؤثرة في اللقطات، غير أن مشكلة المصور الحقيقي وجود السياح بكثرة حوله أو المارّة الفضوليين الذين تجدهم في خلفية كل الصور، وبعضهم يظل مبَهّتاً في عدسة كاميرتك، حتى يظهر تلك الدهشة الخفيّة في النفس، ويستحق ذلك التعليق المعنون والتقليدي تحت الصورة: «ويلاحظ من بعيد أحد من أفراد الفوج السياحي أو أحد المارّة العابرين».
مثل أولئك الذين يظهرون كالغبش في الصورة كثر، وبعضهم خفيف لا تشعر به، بعضهم تجده يزاحم الآخرين ليظهر في الصورة، وبعضهم الآخر يشبه الصياد يظل يتختل حتى تضغط على «شاتر» التصوير، وفجأة يظهر لك مثل السهم المارق، الغريب حين كنّا صغاراً كنّا نعمل حركات صبيانية ومزعجة لنغيظ بها أصدقاءنا، ثم انقطعت تلك الحركات من خلفيات الصور منذ الثمانينيات، لكنها الآن عادت من جديد مع التصوير الهاتفي، وكأنها جزء من موضة محببة، خاصة إشارات النصر أو الحب، أو إشارات التصرف الطفولي، أو «سيّ جييييز». وغداً نكمل..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates