تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة وحقيبة سفر -2-

تذكرة وحقيبة سفر -2-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري


- .. آه يا لها من صباحات لا تنسى، صباحات بيروت التي ما إن تتعافى، حتى يأتي من يرميها بشرر، صباحات من ود وورد ومن حب وقُبَل، صباحات لو بقيت تلك الصباحات:
- صباح الصديقة التي ما برحت تشتكي من ضيق النَفَس، ومن زحمة بيروت، و«عجأة» شارع الحمرا، ومن حر الصيف، ورطوبة بحر بيروت، ومن «هالمواطن اللي غير شكل»، تظل تنفخ بالونات في الهواء لترتاح من ضيق المكاتب، ويعتدل إيقاع يومها، باتجاه بيروت التي تحب، وقهوتها المفضلة، وترانيم فيروز، متمنية ليت يومها يطول بلا ضجيج، ولا ضجر.
- صباح الضيق حين يعرف الأصحاب أنك مودع بيروت، وصباح من فرح وألق حين يعلمون أن وجهتك من بيروت باريس، يحمّلونك قهوة طازجة إلى صديق يحنّ لقهوة أمه أو بطحة من عنبهم إلى مهاجر متعب ويريد أن يجرّ «العتابا» في شرفته الفقيرة مساء، يحمّلونك حلوى ومكسرات من نكهة بيروت، متوقعين أن ترد عطوراً وملابس جديدة، وصرعة من صرعات باريس التي «هي غير شكل»، حتى إن لوقع باريس في نفس اللبناني مساحة من الآه والفرح، وغوايات شتى.
- صباح الوصايا البريئة كرائحة زهرة جبلية، تلك التي تطلب منك أن تهتم بـ«نتالي» التي في سنتها الأولى في باريس، وبـ«باسكال» التي تركت بيروت في آخر مرة غاضبة من خطيبها وأهلها، وألا تترك «غادة» وحدها في باريس، «أبقى طلّ عليها» فتفرد جناحين من ود، ومن حب لكل الشاكيات الباكيات، المتضررات، الغاضبات، اللاعنات سماء باريس، فيكون القلب لهن متسعاً، والبيت المطل على نهر السين ملجأ ومتكأ، تهتم بـ«نتالي» وتأخذ بالك من «باسكال» ولا تترك «غادة» وحدها في باريس، تمنيت لو بقيت في تلك المدينة الجميلة باريس، سفيراً فوق العادة لكل الجاليات البعيدة والقريبة، مستنداً على نهر من الخير، تمد جناحين من ود صوفي، وتجل معرفي، واحداً نحو قمم الأطلس شمالاً، وآخر صوب جبل لبنان، تمارس إنسانية تحبها، وتدخل كل ريح السعادة لقلبك الأخضر دوماً، لا تطيق دمعة من عين كسيرة أو ترى تهدلاً في كتف أنثى لا يليق بها الخذلان، تمنيت لو ظللت مثل «شيخ الحومة» أو «عمدة المدينة»، يشتط إن كحّت ليلى أو شكت من الأوجاع أخواتها لتتداعى الروح والجسد عليهن بالسهر والحمى.
- لكن اليوم.. وحين تتذكر كل تلك الأشياء الجميلة بتفاصيل ناسها، وبطيبة القلوب، وعفوية اللقاءات، أو تَرِد هي على الرأس هكذا فجأة، تتذكر صبح بيروت الذي وصلته لثاني مرة فجأة في نهاية الحرب، وكنت لا تعرف أحداً، غير الحب الذي يملأ قلبك، وتلك الدهشة التي تسيّر خطواتك، ورسائل معطرة يأتي بها بريد متكاسل، أو تأتي مندسة في كتاب حمله صديق من بيروت ولا يدري عنها، وعن عطرها، في تلك الرحلة الثانية تحولت أشياء بيروت المتداعية إلى شيء جميل مسكنه الصدر، ورغم الغبار، وتلك الثقوب التي في النفوس وفي الجدران، لكنك تذكرت بيروت في عمرها الفتي حين تكحلت بها عيناك الصغيرتان مرة، ولم تقدر أن تنساها، ولا هي غادرت ذاكرتك أبداً!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 19:45 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

محمد صلاح يؤكد سعادته بفوز فريقه على ساوثهامتون

GMT 12:49 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

اكتشاف 4 مقابر لأطفال في أسوان أحدهم مصاب بشكل خطير

GMT 19:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:34 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

أحدث إطلالات جيجي حديد في اول ظهور لها في نيويورك

GMT 20:55 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

4 وفيات اثر حادث تصادم على الطريق الصحراوي

GMT 15:33 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

أنواع فيتامين "الأوميجا" تعمل على تغذية الجسم

GMT 14:42 2013 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

وحيد حامد في ضيافة خيري رمضان في برنامج "ممكن"

GMT 19:05 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

3 تطبيقات مجانية لمراقبة أداء أجهزة "آيفون"

GMT 14:49 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

الإعلام يساهم في تغير المجتمعات نحو الأفضل

GMT 10:43 2013 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة : غسل اليدين يزيد الطالب تفوقاً

GMT 00:49 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أفضل عطر نسائي للمرأة العاملة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates