الإنسان و«الفانيلة» البيضاء

الإنسان و«الفانيلة» البيضاء

الإنسان و«الفانيلة» البيضاء

 صوت الإمارات -

الإنسان و«الفانيلة» البيضاء

بقلم - ناصر الظاهري

عجيبة هي العلاقة بين الإنسان والفانيلة، علاقة يومية متلاصقة، ورغم ذلك هناك شبه عدم اكتراث متبادل بين الإنسان وفانيلته، فهو يرميها دون عناية، والبعض لا يتأنى أصلاً في اختيارها، ويعدها من الأشياء والتفاصيل الصغيرة في حياته، وبعضهم «يَدّهجونها دهاج البلاء»، ولا يفكونها حتى تبلى، وهي بالمقابل ترضى بالستر الذي يغطيها من ملابس، وترضى بحظها العاثر، فهي تكد كد صعاب الإبل، فإذا ما تمزقت، زادها الإنسان تمزقاً وظل يستعملها لتقي يده من الحرارة عند حمل القدور، وبعضهم لا يحشمها، كونها كانت على جلده، ويظل يمسح بها «السنون»، ويمسح بها الزجاج، ولا يكهنها حتى تصبح من السواد ما تنشاف، «ولو عصرتها في فم كلب مات»، على رأي المثل المحلي.
بعض الناس لا شك يعزون فانيلاتهم، لأنها ليست فانيلة «أم كابتن»، من تلك التي يمكن أن تدخل في سَمِّ الخِياط، أو يمكن أن تمر من خلال الخاتم، لرقة نسيجها، ورقيق خيطها، وهذه لا تباع في الجمعيات، هي من شاكلة تلك التي دخلنا مرة في إيطاليا محلاتها المتخصصة، وقد تملكنا العجب والدهشة والضحك من معروضات الفانيلات التي أقنعت صحبي، سعيد حمدان وحبيب غلوم وسلطان العميمي أنهم هنا ربما يضعون هذه الفانيلات على رؤوسهم، حيث يليق بها المكان، لسعرها الغالي، ولذلك النسيج الذي يشبه الزغب، ولألوانها المتعددة، وبعضها تشك أنها لرجال معضلين.
هناك أناس يحبون الفانيلة ذات الأكمام، ولا يطيقون تلك المعلقة بلا أكتاف، والبعض يحب الفانيلات التي تتكيف مع الطقس فهي دافئة شتاء، باردة صيفاً، لليخت فانيلته، ولـ«الباربيكيو» فانيلته، وهي تختلف طبعاً عن فانيلة الغوص التي لو صبر عليها البحّارة يمكن أن يتحول سطحها الخشن إلى صفط، هناك فانيلات أصحاب الكراجات التي كانت في يوم من الأيام تعد فانيلة، لكن من دخلت الكراج، وهي تتحول كل يوم إلى شيء لا على التعيين، ومصيرها أن تتحول فيما بعد إلى مِشّحمة طوبي.
شوف فانيلات أهل مناطق جنوب شرق آسيا، خاصة في المناطق المكتظة بالسكان ذات الحمالتين، وأزيد عليها ثالثة لأنها حمّالة أسى، والتي تعد هي الواجهة والوجاهة للناس هناك طوال أشهرهم الحارة والرطبة والممطرة، وفي أسواق بومبي العتيقة، لابد وأن تدرك ذاك التاجر صاحب المستودعات الكبيرة، وهو قابع في دكان صغير بحجم الباب، وتجلس بالقرب منه مروحة هواء، وميزان، و«دفتر تجوري»، وهو حاط قلماً فوق أذنه، ويضع نظارة مقعرة، تبدو من خلال عدستيها عيناه مثل المحارة.
عندنا زمان الناس لم يكونوا يعرفون الفانيلة، كانوا يلبسون «مقَصّر»، وعادة النساء هن من يخطنه، ويكون من القطن الشفاف، بعدها غزتنا فانيلة أم «كابتن»، طبعاً «البيدار» يكد فانيلته حتى تتحول بفعل عوامل التعرية إلى مشخلة!
فقط كنت أريد أن أقول يسعد صباحكم في هذا الصيف الساخن، والذي لا يحتاج حتى فانيلة مخبّقه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنسان و«الفانيلة» البيضاء الإنسان و«الفانيلة» البيضاء



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 11:57 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 13:56 2017 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

شيماء مصطفى تُقدّم حقائب من الجلد الطبيعي لعشّاق التميُّز

GMT 03:03 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

مهاجم إنتر يخضع لعملية جراحية ناجحة في ركبته اليمنى

GMT 18:13 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الأكسسوارات المنزلية جواهر تثمّن المشهد الزخرفي

GMT 08:06 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

محمد بن زايد يستقبل وفداً من البرلمان العربي

GMT 09:27 2019 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

طريقة سهلة وبسيطة لعمل تتبيلة السمك المقلي

GMT 23:45 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة لويس فويتون Louis Vuitton لربيع 2019

GMT 13:30 2018 الإثنين ,23 تموز / يوليو

الماس الأبيض يزيّن أصابعك بفخامة ورقي

GMT 13:15 2013 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

بدء اجتماعات اللجنة العربية للإعلام الإلكتروني في القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates