صباح من عافية وفرح

صباح من عافية وفرح

صباح من عافية وفرح

 صوت الإمارات -

صباح من عافية وفرح

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري


من الأشياء المضجرة في حياة الفنانين والأدباء أن يتعكر صفو فجرهم الندي، ويسرق منهم فرح الصبح البكور، هذا الوقت لهم، ولا يتنازلون عن امتلاكه أو القبول بشراكة فيه، حتى الوظيفة العمومية تظل تضيق عليهم، لأنها تقتسم معهم صباحهم الحلو، هو لهم بمسمياته الكثيرة، وهو الأقرب لأجنحتهم التي تشبه خفق الطيور، بحثاً عن الهدوء والسكينة والطمأنينة، والبعد عن صغائر الأمور القاتلة، مدركين أن الإنسان يمكنه أن يشرب من الخير، ولا يعرف الأذى، هؤلاء الجميلون يستقبلون فاتحة صباحهم بطقوسهم المختلفة والمختارة، والتي لا تضر أحداً. 
- واحد يذهب باتجاه الماء والمناشف القطنية الملونة وروائح الصابون والعطور، يشعر أن الصباح غير مكتمل إنْ غابت رائحة أنثى يعشقها، ويتذكرها حد الوجع، صباح هذا الفنان ملون بالطيب، ويتمناه للكثير.
- آخر يحب أن يتدثر بتلك البيجامة القطنية الثقيلة، مستشعراً قرصة البرد على الشرفة، يختلط صباحه بتلك القهوة المُرّة، وعودين من السيجارة، وصوت فيروز قادماً من راديو ما زال بعافية زمان، ويذكره بأيام زمان، يفرح بسقاية تلك الزهور التي تعطي لصباح هذا المبدع كل يوم ألقاً.
- صباح يتمطى كسلاً ذلك الذي يجبر هذا الكاتب الذي ما أن يستيقظ حتى يجعل عقارب ساعته تمشي وفق إيقاع من المهل، وبلا عجل، فتصبح ساعته كساعة «دالي» اللينة، والمنسابة والمتماهية مع الضوء والظل، يحب كل الأشياء أن تأتيه ليفرح بها ومعها بطريقته، فالفطور ليس جميلاً كما يعتقد إلا على السرير، وكأس الشاي يظل يشربه كلما فتر، وتغيرت طبيعته، بعد فطوره الكسول، يفرح بتلك النومة القصيرة على «الكنبة»، وكتابه على صدره، مكملاً حلم المساء.
- واحد هو صديق الفنادق، يهرب بفرح من منزله إلى ردهة الفندق الكبير الباردة، يختار زاويته المعتادة، يتلذذ بشرب قهوته كطفل أدرد، تزاغي قلبه الأفواج الداخلة والأفواج السارحة باتجاه ما يعشقون، يجد متعة كالقراءة حين يتأمل الوجوه، وتضحك جوارحه لمرأى فتاة أجنبية متوائمة مع حالها، ولا يهمها من حولها، يسافر معها ممتطياً خياله للحظات، ثم يفزع، وينكمش على ذاته، ويبدأ في تناول فطوره المعتاد بعد أن يشكر النادلة الفلبينية مرتين.
- واحد يهرب بصباحه بعيداً حينما يتوحد به، مرة يمشي بسيارته على غير هدى، لا ينشد غير تلك المتعة الدافئة، مرة يقوده إلى أماكن الطفولة في مدينته التي تغيرت عليه كثيراً، ويريد أن يبوح له بأسرار تثقل قلبه، مرات يحب أن يجلس معه تحت ظل شجرة اللوز التي هرمت كثيراً، وغدت كأرملة يريحها النواح.
- صباح الجميلين والدراويش والصعاليك المتأنقين، والذين على باب الله.. صباحهم من عافية وفرح.. وباتجاه ما يعشقون.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صباح من عافية وفرح صباح من عافية وفرح



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 01:32 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

طالبات مواطنات يبتكرن جهازًا للوقاية من الحريق

GMT 05:07 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الفيصلي يقف على أعتاب لقب الدوري الأردني

GMT 08:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

اكتشفي أفكار مختلفة لتقديم اللحوم والبيض لطفلكِ الرضيع

GMT 04:05 2017 الثلاثاء ,25 إبريل / نيسان

فريق "العين" يتوّج بطلًا لخماسيات الصالات للصم

GMT 04:55 2020 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

أحمد زاهر وإبنته ضيفا منى الشاذلي في «معكم» الجمعة

GMT 18:24 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مجوهرات "شوبارد"تمنح إطلالاتك لمسة من الفخامة

GMT 05:40 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

هبوط اضطراري لطائرة متوجهة من موسكو إلى دبي

GMT 22:49 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

منزل بريستون شرودر يجمع بين التّحف والحرف اليدوية العالمية

GMT 21:38 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد وخالد بن زايد يحضران أفراح الشامسي والظاهري بالعين

GMT 04:11 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ظهور القرش الحوتى "بهلول" في مرسى علم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates