جحيم تحت الأرض

جحيم تحت الأرض

جحيم تحت الأرض

 صوت الإمارات -

جحيم تحت الأرض

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

هناك أفلام حين تراها لأول مرة تخربط خطو قدمك، ولا تجعلك هادئاً كيفما كنت، تشعل رأسك، وتظل تحوم حوله كغيمة رمادية ثقيلة، وإن أنستك إياه الحياة والناس، فإنه مع أول فرجة ضوء يظهر لك كيفما شاهدته أول مرة. من تلك الأفلام التي تحضر الآن بلا استدعاء فيلم «الخلاص من شاوشاناك» وفيلم «بريف هارت»، والفيلم الصيني «بيهيموث»، ويعني أحد الآلهة في الأسطورة الصينية، والذي يتحدث عن آلات العصر الحديث التي تطحن الأرض وتقتلع خيرها وهواءها لتصدر التلوث لإنسانها، والأمراض القاتلة للمحيط الذي يعيش فيه، من أجل بناء إسمنتي أو زجاجي تتباهى به المدن الحديثة، في هذا الفيلم يتعرض المخرج الصيني «زاو ليانغ» لعمل الكسارات ومعامل صهر الحديد والمناجم، ولعلها من الصدف أنني شاهدت منذ فترة فيلم «13» الذي يحكي عن مأساة ثلاثة عشر عاملاً من عمال المناجم في تشيلي يضطرون أن يبقوا في المنجم بعدما انهار عليهم قرابة الشهرين يصارعون من أجل البقاء، حتى أصبحت قضيتهم عالمية تعاونت فيها بلدان كثيرة كل بخبراتها لإنقاذ هؤلاء العمال البائسين وإدخال الفرحة لقلوب أسرهم، وهي قصة حقيقية تحولت لفيلم أكثر من صادق، وكيف كان الإعلامي والسياسي والتاجر، وفئات شتى في المجتمع، يستغلون قصتهم ليستفيدوا منها كل بطريقته، وعلى طريقته، فقط العمال كسبوا حياتهم، ولم يكسبوا أي تعويض عن مأساتهم ومعاناة أسرهم.
في الفيلم الصيني الشاعري الأول، كان الطرح بطريقة «دانتي» في «الكوميديا الإلهية» الجحيم، ولكن على الأرض، وكيف تمضي حياتهم القصيرة، حيث عدت اليونيسكو مهنة مثل هؤلاء العمال من أصعب المهن في العالم، وعادة لا يعيشون بعد الخمسين.. نتيجة التلوث الذي يحيط بحياتهم والذي ينتقل للمدن، حيث بلغت بعض المدن مثل بكين ومانيلا وبعض المدن الآسيوية، وفي بعض دول أميركا اللاتينية معدلات في التلوث المناخي إلى خمسة أضعاف المعدل الطبيعي، إذ وصلت 290 درجة، في حين المعدل الذي ينذر بالخطر هو 50 درجة، حيث يجب أن تشل فيه حركة السيارات والمصانع، ويلزم الناس دورهم، ولا يخرجون إلا بأقنعة واقية، هذا حال السكان، فكيف بحالة هؤلاء العمال الذين هم سعير النار، وهم زبانية الجحيم؟ فيها يعملون على موتهم السريع وغير المؤجل، والنتيجة بناء عمارات تجارية لشركات تتبع القطاع الخاص، وهجمة الاقتصاد الحر الجديد، لكنها هي مدن وإن كانت عصرية، لكنها خالية من أي روح، غير أرواح هؤلاء العمال الذين قضوا نحبهم أثناء صهر حديدها أو تكسير صخورها أو اجتثاث أشجارها حتى أصبحت تعرف في الصين وبعض بلدان آسيا والعالم بأنها مدن الأرواح والأشباح.. في هذا الفيلم غير الروائي الشاعري، يظهر لنا جنتنا من خلال جحيم الآخرين!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جحيم تحت الأرض جحيم تحت الأرض



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 02:43 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الصحف العالمية تتناول تحديات وآمال رئاسة جوزيف عون في لبنان
 صوت الإمارات - الصحف العالمية تتناول تحديات وآمال رئاسة جوزيف عون في لبنان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل
 صوت الإمارات - أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 02:29 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

بلينكن يعرب عن أمله في التوصل لاتفاق بشأن غزة قبل تنصيب ترامب
 صوت الإمارات - بلينكن يعرب عن أمله في التوصل لاتفاق بشأن غزة قبل تنصيب ترامب

GMT 02:45 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

إلغاء ميتا التثبت من الحقائق سيكون له ضرر في العالم الحقيقي
 صوت الإمارات - إلغاء ميتا التثبت من الحقائق سيكون له ضرر في العالم الحقيقي

GMT 11:57 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 13:56 2017 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

شيماء مصطفى تُقدّم حقائب من الجلد الطبيعي لعشّاق التميُّز

GMT 03:03 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

مهاجم إنتر يخضع لعملية جراحية ناجحة في ركبته اليمنى

GMT 18:13 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الأكسسوارات المنزلية جواهر تثمّن المشهد الزخرفي

GMT 08:06 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

محمد بن زايد يستقبل وفداً من البرلمان العربي

GMT 09:27 2019 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

طريقة سهلة وبسيطة لعمل تتبيلة السمك المقلي

GMT 23:45 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة لويس فويتون Louis Vuitton لربيع 2019

GMT 13:30 2018 الإثنين ,23 تموز / يوليو

الماس الأبيض يزيّن أصابعك بفخامة ورقي

GMT 13:15 2013 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

بدء اجتماعات اللجنة العربية للإعلام الإلكتروني في القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates