تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة وحقيبة سفر -2-

تذكرة وحقيبة سفر -2-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

ما أكثر معابد جزيرة «بالي» حتى الهند ربما لا تفوقها، رغم ضخامة معابدها، لكنها ليست بتلك الكثرة، حتى البيوت أصبحت لها واجهات المعابد، بتلك البوابة المفتوحة على السماء والفضاء، وقد تساءلت عن السبب دونما جواب، لذا أرجح ربما الوحدة والخوف كمتلازمين للإنسان الساكن في الجزر، الوحدة في جزيرة تحدها مياه عازلة عن الوصول والتواصل، والخوف من مياه غادرة باندفاعاتها المخربة أو سفن متوقفة فجأة، بما قد تجلبه من أقدام غريبة، كل هذا جعل السكان الأصليين يتحصنون بالعبادات ودورها واحتفالاتها التي تمتد طوال العام، كل ذلك طرداً لملل الوحدة، والخوف من الأرواح الشريرة الساكنة أو القادمة، أما السبب الآخر لوجود هذا الكم من المعابد، هو قدوم مهاجرين هنود من شتى الطوائف، وبوذيين من بلدان مختلفة، واستيطانهم في هذه الجزيرة التي غدت مثل معبد كبير يصعب الخلاص منه بسهولة، والجزيرة رغم فجورها «الأجنبي»، إلا أن أهلها محافظون، ويتفاءلون بكثرة المعابد وطقوس الديانات القديمة الممزوجة بالسحر والخوف، وتلك الكائنات مثل الأشجار الهرمة، وأساطير البحر، وتقديس الأسلاف، والحيوانات التي عرفت الجزيرة قبل الإنسان، والقرد واحد من هذه الأشياء المقدسة، والمتواترة من حضارات آسيوية متعددة، زرت غابة القرود للمرة الثانية، لطرد تلك العقدة التي سببها لي قرد المعبد مرة بسرقة نظارتي الطبية، غير أن هذه المرة ذهبت جاهزاً متجهزاً، وكل الاحتياطات الأمنية من حولي، محاربتان من الأمازون، أميركية سمراء، وبرازيلية خلاسية، ودليل سياحي إندونيسي لا يختلف عن الدليل الأوليّ، بل يكادان يتشابهان في الفَرَق والرعب الذي يطلق القدمين، حملت معي نظارة تقليد من التي تباع واقفة، وبدون بيت حافظ لها، والتي تعرضها محلات مختصة بالسياح عادة، وبهمالة متعمدة، جعلتها متدلية من شنطة الكاميرا، وظاهرة للعيان، وفي متناول أي قرد مبتدئ في النشل، وأخفيت أي شيء لامع مثل ساعة ذهبية، واعتمرت قبعة، لا تشتريها بفلس «حليان»، فيما كانت وسائل الدفاع عند محاربتي الأمازون غراميل موز من التي يحبها قلب القرد، ودخلنا، وكنت مستعداً حتى أن ألبس له حلقاً «كليت» تقليد، إن فكر في الخيانة، وسرقة الزائر الذي اختلف عن ذلك الزائر قبل ست سنوات، كنت معتقداً أنني سأخدع ذلك القرد الماكر، لكنه استولى على قلبَي محاربتي الأمازون، وظل يتصرف كطفل، لا تعرف ردات فعله، ويضَحكّهما بطريقته الاستعراضية، وغرمول موز من يد هذه، وملاطفة من الأخرى، وهو يتمسح بهما، ويطالعني كرجل غريم، وهما لا تقصرّان معه، ولا تبخلان عليه بالموز، حتى لم تعودا تلتفتان إليّ، وحين رأيته استحوذ على الجو، ويكاد أن يجعلني أخرج من غابته خاوي الوفاض، وبلا محاربتين اندفعتابعاطفتهما الفيّاضة، ونسيتا أسلحتهما ووصاياي العشر، تعمدت وأسقطت النظارة التقليد أمامه، فهجم وأخذها، تأملها قليلاً، ثم تقدم خطوتين، وأعطاني إياها مع ضحكة ذكية، وماكرة في الوقت نفسه، يعرفها الرجال وحدهم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 18:59 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

"حقيبة الأبط" تتربع على عرش موضة خريف وشتاء 2018

GMT 01:19 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

محمد رشاد ومي حلمي يتفقان على إتمام حفل الزفاف

GMT 20:07 2015 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

شركة "سامسونغ" تطلق غالاكسي في بلس" في ماليزيا

GMT 15:47 2014 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

شركة Xolo تطلق هاتفها الذكي متوسط المواصفات Opus 3

GMT 18:19 2013 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

ترجمة لکتاب صید الخروف البري لهاروکي موراکامي

GMT 10:07 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

استبعاد ياسمين صبري من مسلسل ظافر العابدين

GMT 12:50 2013 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

إعادة طبع رواية "التراس" في حلة جديدة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates