بقلم - ناصر الظاهري
- «بعضنا في هذا الوقت العصيب الرهيب وصلت به الأمور مواصيلها، وعانت عليه الدهر، وقام يفصل، ولا يتذكر إلا أياما خوالي مضت ليتها تعود، وبانت عليه علامات الفصل الكثيرة»:
- تلقاه يظهر بنعال كل فردة غير، ويوم ينبهونه الناس، يتلوم في عمره، ويقول، يمكن أحد من المصلين في المسجد خالف بين نعالي ونعاله!
- ما تسمع المعزبة منه إلا الغالية، وفديتك، يا نظر عيوني، وهو نظره والله أنّه، وهباب يشوف طريقه، فتزعل المعزبة وتحط في خاطرها، لأنها ما تساوي عنده شيء عقب هالعمر، ولا تسمع إلا الخريط الذي ما ينفع، ولا يبرّد الجوف، ودوب دوبه هـ «البشكارات»!
- تلقاه يتنازع مع «الدريول» من الفجر، يريد منه يوصله لبيت فلان، لأنه يتشرّه عليه، غير معترف بالتباعد الاجتماعي في هذه الجائحة، ويمر به عند فلانه، متّوله عليها، وفلانه الله يرحمها من زمان، ويريد يروح «الجبره»، يتقضى مقاضي البيت، ويريد يشتري «سبوس» للعزبة، ويبا يمر صيدلية سليمان يضرب أبره، ويخطف على البنك، بيراجع مداخيل الإيجارات، يتحسب وقته هو الأوليّ، ويوم يوصله «الدريول» المسكين لشيء من تلك الأماكن، ويشوفها خالية، يرد على «الدريول» ويعايره أنه «هيز.. وعيّاز»، وأنه ما يسمع الكلام، ويسوي الذي في رأسه، ولا يشاور أحد، وأنه دوم يشغل هـ «الكنديشن»، ما يوقف، في السيارة، وفي غرفته، ويتسبح كل ساعة، تقول صفّصوف حَالّ عدال الفَليّ!
- تلقاه يبالغ، ويضخم الأمور، فمن صبحه تجده متعقطاً بغترته، ويرضف عليه بدل الكندورة كندورتين، تقول عليه برد مريعي، رغم أن الجو عادي، ولا يخلو من نسمة هواء منعشة، فيصبح عنده البرِيد برداً، والصبح ظهراً، والعشرة دراهم، «بذيك الحجيه»، وعنده دوماً كل الناس متأخرين، لذا تجد على طرف لسانه: «يا الله هيّاكم.. انكفضوا.. الناس سرحت من الصبح.. تراكم عطلتونا»!
- دوم يتشرّه على بناته أكثر من أولاده، وأنهن ما يزورنه مثل الأول، وقاطعين عنه عيالهن، وعندهن الزوج أحسن من الأبو، ودائماً يذكّرهن بكلمته التي يسمعنها عند السلام، وعند الوداع: «يييه.. ضاع الربى فيكن، كنت أشالي وأعالي علشانكن، أما الأولاد أمبنوهم ما فيهم خير، بس أنتن ماي عيني» فتدمع عيون البنات ويشعرن بثقل في الصدر حزتها!
- تلقاه العصيران يتحوط حول البيت، يعابل شجر الحديقة، ويحاتي الصرم الذي يحوّط البيت، وفي خاطره لو يجد بيوت الجيران مفتوحة مثل الأول، يعاتب الدهر، وناسه الذين تغيروا، ويحنّ للوطر القديم، وجيران الأمس، يطرأ على باله ظل «اللوميّه»، وعامد الفلج، مخرافة الرطب، ومقفلة الجامي، جلسة «السمّه» والحصير على ذلك الثرى.. فتدمع عيناه! ويبكي الخَرَف في زمن الكورونا»!