بقلم - ناصر الظاهري
لا أعتقد أن مجلة «فوربس» التي تعودت أن تبشرنا مطلع كل عام، وبعد الانتهاء من الجرد السنوي وإعداد الميزانيات العامة، بإعلانها، لفقراء العالم، أسماء المليارديرات القدماء والجدد، لكن الجميع كانوا يشكون من عام 2020، ولا ندري كيف ستكون النتائج التي تأخرت قليلاً، صحيح أن بعضاً من الهوامير الصغار كبروا في ظل الجائحة، وقفزت أسهم شركات المعدات الصحية والأدوية وصاحب سيارة «تيسلا» و«أمازون»، وغيرها من الشركات التي كانت تتعامل بحذر، منتظرة الفرصة وسرعة الانقضاض أو الاستفادة من حروب الإنسان العبثية، ربما شكلت القائمة الجديدة إن ظهرت مفاجأة غير متوقعة، حيث ستتحرك أسماء من أماكنها، وتتبدل شخصيات وتحل مكانها أسماء كانت شبه مجهولة، القائمة السنوية ينتظرها الفقراء، والنصابون أكثر من الأغنياء، وحين نقول فقراء العالم هنا.. ليسوا ذوي الدخل المحدود أو المعتمدين على راتب «الشونه» أو من أصحاب «إلهنا.. أعطنا خبزنا، كفاف يومنا» أو من أولئك الذين يجربون حظوظهم في الأسهم الجديدة، وفي الكفالات، والحراج، قوم «بو مسباح» أو اللاعبين في وقت تقاعدهم المبكر، وصور جوازات مستعارة، وكم من روبية، والإنصات بعمق إلى المحللين الاقتصاديين في نهاية نشرات الأخبار.
الفقراء هنا.. الذين تغيظهم مجلة «فوربس» كل عام، أصحاب الملايين، وهم بالملايين، والملايين هنا ليست بالتومان الإيراني أو الروبية الهندية أو الباكستانية، هنا العملة التي يجب أن يصرح بها، تلك الورقة الخضراء ذات اللون والرائحة المميزة، خاصة إن كانت جديدة، والتي يكثر شماموها ومتعاطوها في كافة أنحاء العالم.
- المليارديرات والمليونيرات سكان السماء، الفقراء سكان الأرض، هذا الهرم المتخيل لقاعدة سكانية كبيرة، وفقيرة، هم سكان الأرض، وتعبها وعرقها، ورأس الهرم تلك القمة المدببة الصفوة أو «Crème de la crème» سكان السماء تفصلهم عن سكان الأرض مسافات من سنين ضوئية، لكن لو فكر الفقراء الحقيقيون، الذين يرفعون شعار «عشانا عليك يا رب»، أن ينشئوا نادياً لأنفسهم على غرار أندية المليارديرية، والمليونيرية، فستكون هناك أندية على شكل خيام المهجرين، وأندية من الصفيح والشينكو، وأندية في العراء للفقراء المكتفين بخبزة واحدة طيلة النهار الطويل، وأندية للذين يقتاتون على فضلات درامات البلدية، وأندية لعمال السخرة الذين يشتغلون بلقمة يومهم، وبعرق جبينهم، سيكون ناد للفقراء الذين يصنعون السيجار الكوبي الغالي للأغنياء، ونادي للفقراء الذين يعلّبون الكافيار الغالي للأثرياء، ونادي للفقراء الصيادين للفرو الثمين والنادر لسيدات المجتمع المخملي.
الأندية ستكون كثيرة وعديدة وفي كل مكان، لكن «الفقير- دير»، سيختلف من مكان إلى آخر، وبدلاً من أن يكونوا طبقة عاملة، ورثّة، ستظهر طبقات متشكلة في الفقر والأندية، نادي فقراء الشمال ونادي فقراء الجنوب، ونادي فقراء أوروبا، ونادي فقراء روسيا، ونادي فقراء أميركا، ونادي فقراء أفريقيا، فقراء محسوبون على قوى عظمى، وآخرون محسوبون على قوى ضعيفة، فقراء الدول المتقدمة، وفقراء الدول النامية، فقراء الاتحاد الأوروبي، وفقراء دول الآسيان، وفقراء جامعة الدول العربية، وسيكون حتى بين الفقراء هناك طبقات مليونيرية!