لا تأسَ على شيء  2

لا تأسَ على شيء - 2

لا تأسَ على شيء - 2

 صوت الإمارات -

لا تأسَ على شيء  2

بقلم - ناصر الظاهري

حضرت مؤخراً مؤتمر كتّاب آسيا وأوروبا في الأستانة، وعادة المؤتمرات الأدبية والملتقيات الثقافية تكثر فيها كلمات مثل: أعتقد، وأتصور، ومن وجهة نظري الخاصة، ولا ريب، ويكون حضورها عادة ممن تحاوروا مع الستين وأنت طالع، ولا تفيد فيها تلك الصبغات المحلية الرخيصة التي تعمل بأصابع مرتجفة، وبعضهم من دهاقنة المعبد الذين يحفظون سورتي البقرة والنساء عن ظهر قلب، ويمكنهم أن يعربوهما إن اقتضت الحاجة أو تجده قد قرأ نيابة عن كل الحضور آلاف الكتب، مثل هؤلاء يظل يهلّ ما في رأسه لمدة ساعة كاملة، ولا يقول آخ، لكنه ما أن يجلس على الكرسي في الجلسة الثانية التي تلي الغداء مباشرة، حتى يسمعك موسيقى القرب الأسكتلندية على أصولها. 

تقاطر على المؤتمر كتّاب وأدباء من الحرس القديم، من كافة أرجاء ذلك الاتحاد الشاسع المنهار، أولئك الذين ما زالوا يتمسكون بأسنان ذهبية، وبقبعات نقابات العمال، ولا يدخنون إلا السجائر المحلية التي دون «فلتر»، بحيث إذا كَح أحدهم، سمعت سعلته من بعيد، وكأنها آتية من بئر مهجورة، هؤلاء هم أكثر المتحدثين الذين كنت أخشى أن يعتلوا المنصة؛ لأن ورقته المعدة تجدها مكونة من ثلاثين ورقة، ومكتوبة بخط منمق ومرتب بحيث تضيق بها الصفحة العادية، وأول ما يظهر يبدو عليه التذمر من الحياة، وانهيار منظومة القيم الأخلاقية، وعدم فهمه للجيل المتأمرك، ولا يخفي عداءه للمنصات الرقمية، ووسائط التواصل الاجتماعي الجديدة، وبالتأكيد يكره شِعر الشباب، ولا يريد أن يفهمه، وبعضهم يجبرك أن تَحِنّ معه لماضٍ ما زال يعتقد أنه كان جميلاً وملهماً، ويبدي أسفاً على غياب تلك الفكرة النبيلة النيّرة، من أولئك أيضاً من تجده يأتي المؤتمر برائحة ضجيج سهرة الأمس المتأخرة، وزاد عليها من مشروبه المحلي البائس صباحاً لكسرها، والتمسك بالاستيقاظ، ولو قليلاً، هذا إذا اعتلى المنصة قال شعراً جميلاً، لكنه ما أن يسرد، ويطرح الأفكار نثراً، حتى تتعب معه وهو يشرّق ويغرّب حتى تشك في استيعابك، ولا تقبض منه إلا تعتعات سكرة متخمرة.
هناك أناس تجدهم ولدوا ولم يعرفوا النقود بتاتاً، وأن جيوبهم عبء خلقه الخياطون لهم ليبتلوا، يشعرونك أنهم فئة تنتمي لعهود المقايضة، هؤلاء تحتار كيف ترضيهم، وهم لا يتعبون كثيراً في محاولة التلطف معك، ويكرهون أكثر ما يكرهون الموظفين الرسميين الذين يطبعون كتبهم الهزيلة على نفقة المؤسسات الثقافة، والذين في مجملهم ممتلئين، ووجوههم طافحة بالعافية والمجاملات الاجتماعية، ولا يدرون سبب لبسهم بدلات تبدو ضيقة على مقاسات أكتافهم.
لا شيء يحول ذلك الجمع المركب والمعقد والمتجبس والمتكلس إلا ظهور امرأة أنثى ذات شَعّر، ولا يهم الشِعّر.. ساعتها الكل يفك عظامه، ويستقيم قوامه، ويعتدل هندامه، ويستقيم نظامه!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا تأسَ على شيء  2 لا تأسَ على شيء  2



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 11:57 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 13:56 2017 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

شيماء مصطفى تُقدّم حقائب من الجلد الطبيعي لعشّاق التميُّز

GMT 03:03 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

مهاجم إنتر يخضع لعملية جراحية ناجحة في ركبته اليمنى

GMT 18:13 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الأكسسوارات المنزلية جواهر تثمّن المشهد الزخرفي

GMT 08:06 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

محمد بن زايد يستقبل وفداً من البرلمان العربي

GMT 09:27 2019 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

طريقة سهلة وبسيطة لعمل تتبيلة السمك المقلي

GMT 23:45 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة لويس فويتون Louis Vuitton لربيع 2019

GMT 13:30 2018 الإثنين ,23 تموز / يوليو

الماس الأبيض يزيّن أصابعك بفخامة ورقي

GMT 13:15 2013 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

بدء اجتماعات اللجنة العربية للإعلام الإلكتروني في القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates