التنسك في ألوان الحياة

التنسك في ألوان الحياة

التنسك في ألوان الحياة

 صوت الإمارات -

التنسك في ألوان الحياة

بقلم : ناصر الظاهري

موضوع الزهد والتنسك اليوم يمكن أن يأخذ بعداً حداثياً ومختلفاً عن التصوف بالطريقة القديمة، حيث تجد الفقر والإملاق ورث الثياب وخشن الملبس، وثمة جنون يسبق خطوات القدم، ودروشة تجعل من الناسك موضع سخرية من الأطفال وإعجاب من بعضهم، تغيب المعرفة وحب الحكمة في المظهر المتسخ واللامبالي وتلك البوهيمية المتدينة.

في مدن اليوم غاب «شويخ من أرض مكناس» للششتري من طرقاتها التي اصطبغت بعصرية ناقصة، وبحضور لمظاهر مدن أوروبية غير مكتملة، فضلّ ذلك «الشويخ» طريقه وهداه ونهج حياته، في مدن اليوم التي بلا شخصية محددة، ولا علامة مميزة، ولا هوية تقول لك: «ها.. أنا» لم يعد للشيخ الفاني المتفاني ذلك الوهج والحضور الطاغي، وعصاته التي استخرجها من بطن وادٍ، لم يعد قادراً أن يتوكأ عليها، ولم تعد نافعة ليهش بها عن غنمه، وليس له فيها مآرب أخرى، لا هلّول ولا بهلول لهما وجود في مدننا الخالية من الزهد والنسك والتطهّر من أمور الحياة المثقلة بها أعمارنا وأيامنا.
مدن الاستهلاك اليوم التي تتعبنا، وتقضي على أعمارنا ببطء، بحاجة إلى نسك وزهد جديدين، زهد في ألوانها الكثيرة والمبهجة، ونسك في إغراءاتها وغواياتها الدّالة على وكر الشيطان وحده، بالأمس كان الدرويش يُعان من الجميع، وكلما طرق ظلفة باب، واليوم كل الأبواب الخيّرة موصدة، والنفوس المحسنة معطلة، ولا مكان لـ «أيقونات» من زمن الرفاعي والنقشبندي والجيلاني وسيدي البرنوصي.

زهاد ونساك اليوم عليهم أن يرتدوا من أسمال الحاضر، كبنطال من قماش «الجينز» المقطع، ولا ضرر، ولا زهو، فهو من لبس فقراء الأمة، وهوامشها، ويمكن أن يسد رمق يومه بأكلة بسيطة من الوجبات السريعة، فهو مما اخشوشن به الناس، ويمكنه أن ينتعل حافلة البلدية، فهي المركب الصعب والزهيد مما اعتاد عليه المطحونون والمعذبون في الأرض.

لكن حتى تلك الأشياء القابلة لأن تكون من ضروريات وبدائل لزهاد العصر، طغت عليها ضريبة الاستهلاك، فرفعت قيمتها في عيون الأثرياء ومكتنزي الذهب والفضة ومقتني الأوراق والأسهم المالية، فزاحموا عليها وجعلوا من قيمتها لمن ماثلهم وجاراهم، وحدها قيم الأخلاق، وثوابت النفس الكريمة ظلت مشاعاً لمن أراد ابتغاء الحياة الدنيا، ونعيم الدارين، لكن دونها خرط القتاد، فليس أصعب على النفس مثل مجاهدة النفس، وتحررها من أعباء فرضها الآخرون، وسلسلوا بها أقداماً ذاهبة لفعل البراءة والمعروف، وبعيداً عن الأذى.

زهاد ونساك اليوم يواجهون ضعفي العذاب اليومي، لما يتعرضون له من غوايات لا تنتهي، ولا معين على الاستقامة، ولا رادع عن الشر، ولو اعتصم الواحد ببطن جبل أو في غار سحيق.. وتجنب الشر بالحب، وفعل الخير بالحب!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التنسك في ألوان الحياة التنسك في ألوان الحياة



GMT 22:32 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

خميسيات

GMT 21:24 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

التنسك في الألوان

GMT 21:19 2016 الأحد ,04 كانون الأول / ديسمبر

نوبل.. تلك النافذة الكبيرة

GMT 23:31 2016 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

السماحة تميزهم.. ولا تغيرهم

GMT 21:21 2016 الثلاثاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

نتذكر ونقول: شكراً

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 06:17 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

افتتاح معرض رأس الخيمة للكتاب بمشاركة 76 دار نشر

GMT 02:43 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العالم

GMT 08:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تخريج الدفعة الأولى من برنامج قيادة الأعمال الإنسانية

GMT 18:45 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

معرض دبي العالمي للقوارب يعزز مكانته العالمية في 2015

GMT 21:44 2014 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تشارك في معرض برشلونة للكتاب في دورته الـ32

GMT 01:38 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

جامعة كينياتا تمنح سيدة كينيا الأولى الدكتوراه الفخرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates