تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

بقلم - ناصر الظاهري

كان اليخت يجوب تلك الجزر السابحة في بحر «إيجة»، وكأنها عذارى الحكايات المنبعثات من غمام الوقت، يستعرضن غزل الماء، وتشكل الجسد اللدن المبتل، لا شيء يجعلك سابحاً في روحانيتك مثل التقاء الماء بالسماء، وأنت على كف الأزرق، سيرسو مركبنا على مرسى «بدروم» التي كانت تعرف قبل الميلاد باسم «هاليكارناسوس» باليونانية، أما اسم «بودروم» الجديد فآت من اسم المدينة في العصور الوسطى «بترونيوم»، ومن قلعة «بودروم» التي كان يتمركز فيها الفرسان الصليبيون؛ فرسان الاسبتارية أو فرسان القديس يوحنا، الذين استولوا على أحجار ورخام أجمل ضريح، كان يعد من العجائب، لبناء قلعتهم، وهو «ضريح موسولوس» الذي أخذت منه معظم اللغات كلمة «Mausoleum» والتي تعني الضريح.

هذه المدينة البحرية لم يرها أحد إلا وأعجب بها، ولا تدري أي سر يكمن فيها، غير تلك الخلوة التي يحيطها السكون، وركود البحر، وشمس لا تتوارى خجلاً من البقاء حتى تنعس جفون آخر الصيادين، هل مطاعمها الفاخرة بشتى أنواع الطعام والشراب ولذائذ الفاكهة، أم هي تلك الصحبة التي يتآمر فيها الأصدقاء على المتعة والذهاب لآخر مدى، قابضين على وقتهم، وما يفرحهم؟ مثل ما كان يفعل أصدقاء «السفر الأزرق»، أصدقاء الكاتب والروائي والرسام التركي الشهير، سليل العائلة العثمانية العريقة «موسى جواد شاكر»، الذي ظل يحمل اسماً أقرب إلى اللقب، «خليقرناس باليقجيسي» وتعني بالتركية: «صياد السمك من هاليكارناس»، وهو الاسم القديم لـ«بودروم»، وذلك بعد نفيه إليها، والتي عشقها حد الهوس، كان أصدقاء «السفر الأزرق» يجوبون البحر، لا يحملون أي أداة ترفيه مطلقاً، لا راديو ولا صحفاً، فقط هي صرة فيها: «الأجبان والماء والبقسماط والتبغ ومشروب العرقي».

كذلك كان من أبنائها «هيرودوت»، المؤرخ الإغريقي العظيم الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد، كانت بالنسبة لي مدينة مجهولة، لولا ذلك المركب الذي أخذني إليها فجأة، ودون ما موعد، فقط هي الصدف حين تعترض طريقك كنسمة باردة أو ظل شجرة حانية أو رائحة عطر تقبض على ساعديك، وتكتفك بسحرها في المكان.

لقد أدركت لماذا يصحو الصيادون فجراً في مدنهم؟ للبحر القريب، ولموجه الآتي من بعيد هدهدة السرير، فيغلبهم النعاس باكراً، وتشبع رئاتهم من نسائمه، فيبكرون نحو رزقهم الحلال، وهم ينشدون، طارحين همومهم على السيف، حين يمتطون الأزرق، وقلما يخيب نهارهم ذاك اليوم، وحين يعودون تسبقهم الأغاني، وفرحة طعم الرزق الحلال.

كان أسبوعاً جميلاً ومفرحاً، فبعض الأماكن تجعلك سعيداً، وبعضها الآخر يخبئ لك السعادة لأيام أُخرى، «بودروم» تعطيك إياها دفعة واحدة، ومن أول لقاء، تبدو واضحة مثل بحرها السارج متن هذا المدى، يلوح لبعيد أن يقترب، ليطعم شيئاً من يابسته، ولا يحب أن يودع قريباً منه، سيذهب بعيداً عن مرفأه وزرقته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 11:57 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 13:56 2017 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

شيماء مصطفى تُقدّم حقائب من الجلد الطبيعي لعشّاق التميُّز

GMT 03:03 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

مهاجم إنتر يخضع لعملية جراحية ناجحة في ركبته اليمنى

GMT 18:13 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الأكسسوارات المنزلية جواهر تثمّن المشهد الزخرفي

GMT 08:06 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

محمد بن زايد يستقبل وفداً من البرلمان العربي

GMT 09:27 2019 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

طريقة سهلة وبسيطة لعمل تتبيلة السمك المقلي

GMT 23:45 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة لويس فويتون Louis Vuitton لربيع 2019

GMT 13:30 2018 الإثنين ,23 تموز / يوليو

الماس الأبيض يزيّن أصابعك بفخامة ورقي

GMT 13:15 2013 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

بدء اجتماعات اللجنة العربية للإعلام الإلكتروني في القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates