عمارة أهل السبيل 1

عمارة أهل السبيل -1-

عمارة أهل السبيل -1-

 صوت الإمارات -

عمارة أهل السبيل 1

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

لدينا واحد من «الأخويا» الطيبين، شغل زمان، الله أنعم عليه، لكنه لم يتخل عن طيبته وتواضعه وبساطته، وتلك الفطرة والسجية التي يتمتع بها، ولا يحب أن يفارقها، تجده يرسل من خيرات مزرعته للمستأجرين عنده في العمارة، وفي رمضان يخصهم ببعض من الإفطار، ويرسل من زكاته وصدقاته للمتعففين، والذين كثيراً ما يسامحهم في أشهر أو يغض الطرف إن تأخروا في الإيجار، يتوسط في علاجهم، ويقضي طلباتهم، الكبيرة وحتى الصغيرة، كأن يساعد في استخراج رخصة سواقة للمعلمة «تهاني» في سنة إعارتها الأولى، و«سواقتها لك عليها» أو يسَفّر بعضهم للحج أو العمرة على حسابه، ودائماً إذا ما اشتكى مستأجر، يضع اللوم على حارس البناية، ووكيل عمله في الوقت نفسه، كنت أقول له: أنت لا تصلح أن تكون كما يقول الإنجليز في تعريفهم لملاك الأراضي «Land Lords»، وأن المستأجرين عندك محظوظون، لأن القليل منهم من يترك شققك، إلا إذا ما ترك أحدهم البلد أو كبرت عائلته أو هاجر إلى كندا، بحيث أن بعض المستأجرين المقيمين «ما أقام عسيب»، تجدهم من أيام كانت وزارة المعارف، وبناية «بن صبحا»، وحريق «بارهوز»، فيرد: «دفاعة بلاء.. هذيلا مثل أخواني وساكنين عندي»! 
«خوينا» رغم تلك السماحة، وأن عمارته شبه سبيل، لكنه يميز الطيب من الخبيث بفراسة بدوي، ويعرف إذا ما جاء فلان من المستأجرين، وهو يلبس كندورة عربية دلعاء، أن تحته شيئاً، و«بَدّه يودي الحاجة على الضفة هالسنة»، وإذا ما مر عليه «دسوقي»، وهو عادة ما يمر عليه للسلام في رمضان، وقبل إجازة المدارس، فيدرك أن في رأس «دسوقي» «دعاسج».
ويوم ما من وقتنا الحاضر، وفد على بنايته مستأجر جديد، بالكاد وصل من الجمهوريات الجديدة المستقلة، شاب كبر أصغر أولاده، والصدفة وحدها التي دلته على عمارة أهل السبيل، وسكن فيها تمهيداً لحضور زوجته الشابة، لكنه قبل ذلك مشط الشقة بأكملها، وأعاد صبغها وتعقيمها، وصرف من جيبه على تطهيرها من الحشرات والقوارض ومكافحة الآفات، وفرشها كما ينبغي لزوج شاب جديد، وخريج يشق أول درب مستقبله كما يبدو.
في البداية بدأ يشكو من روائح طبخ الظهر الذي يفحّ من الشقق ليبهر ويبخر كل العمارة، ومع تلك الرطوبة اللزجة المتسربة من الخارج، وبرودة مكيف «سنترال» أميركي قوي، ظل يشتغل ويكد ويكح منذ سنوات دون صيانة حقيقية تليق به، الأمر الذي يجعل مدخل العمارة مثل رائحة قدر «منسف» بارد، فكان رد الناطور عليه بكلمتين: «بكرا.. تتعود»! فاضطر أن يشتري دافق الروائح، ومصفي الجو من الأدخنة، لأنه كما شرح لناطور العمارة، ولم يفهم عليه كثيراً، ولم يرد مناقشته، وانصرف مهرولاً ليساعد السيدة التي تسكن في الدور السادس عشر، حاملاً عنها أكياس الجمعية: أن السبب في ذلك خوفه على رئتي زوجته، وشعبها الهوائية، وحين أغلق المصعد على السيدة وأكياسها التفت إليه الناطور مكملاً حواره: «طيييب»!..
 وغداً نكمل..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عمارة أهل السبيل 1 عمارة أهل السبيل 1



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 19:45 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

محمد صلاح يؤكد سعادته بفوز فريقه على ساوثهامتون

GMT 12:49 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

اكتشاف 4 مقابر لأطفال في أسوان أحدهم مصاب بشكل خطير

GMT 19:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:34 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

أحدث إطلالات جيجي حديد في اول ظهور لها في نيويورك

GMT 20:55 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

4 وفيات اثر حادث تصادم على الطريق الصحراوي

GMT 15:33 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

أنواع فيتامين "الأوميجا" تعمل على تغذية الجسم

GMT 14:42 2013 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

وحيد حامد في ضيافة خيري رمضان في برنامج "ممكن"

GMT 19:05 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

3 تطبيقات مجانية لمراقبة أداء أجهزة "آيفون"

GMT 14:49 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

الإعلام يساهم في تغير المجتمعات نحو الأفضل

GMT 10:43 2013 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة : غسل اليدين يزيد الطالب تفوقاً

GMT 00:49 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أفضل عطر نسائي للمرأة العاملة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates