بقلم - ناصر الظاهري
أود أن أرفع كلمات الشكر، وعبارات الامتنان للإنجليز من أجداد مؤسسين للاستعمار، وأحفادهم الذين تركوا ساحة الوغى والنضال بعدهم، على أشياء تركوها على حالها في الإمارات، ولم يتدخلوا في سنّ تفاصيلها، ولو فعلوا غير ذلك لأصبح حالنا غير هذا الحال، أشياء يمكن نسيها الإنجليز، ولا أحد ذكّرهم بها، لكن يشكرون عليها حقيقة:
- أشكرهم غاية الشكر، لأنهم تركوا لنا قيادة السيارات المخالفة لقيادتهم، يعني «الدريول» على اليسار، و«المعيوني» على اليمين، ولو شملونا بالسواقة الإنجليزية المعاكسة عن بلدان العالم، على طريقة السكان على اليمين، مثل مستعمراتهم في الهند وأستراليا وكينيا وماليزيا وهونج كونج لأصبحنا اليوم، «نصنا ناشب في الدواوير» أو «عافدين بسياييرنا» على محلات خلق الله اللي على الشارع أو ما عرفنا نظهر السيارة من «الكراج»، وبعدين «الريوس» المشكلة!
- أشكرهم وبعنف على أنهم لم يجعلوننا نستعمل عملتهم الغالية الـ«باوند أو الإسترليني» وسمحوا لنا بالروبية والريال والدرهم، وإلا الحين «نصنا على المعونة الحكومية الأسبوعية أو الشهرية، ونصنا «هوم لس».. وما يرضيكم عاد مواطن «هوم لس»، ما تركب، لأننا بصراحة ما نروم على الجنيه الإسترليني، وتقلباته، مرة يوصل سبعة دراهم ونصف، ومرة ستة دراهم، ومرة صكّ تسعة دراهم مما نعد، ونحن حدنا.. حدنا التومان وإلا الروبية لأنها مقدور عليها!
- أشكرهم بحفاوة أنهم ما عوّدونا على الفطور الإنجليزي، لأنه بصراحة «ماصخ»، وما ينشهى على الريق، ولا يتبدل على مر السنين، ولا تركوا لنا طبخات إنجليزية تقليدية، كالمطبخ الريفي أو «الويلزي»، وإلا «قدور عيايزنا بتّم تثور لين الضحى العود، وبعده اللحم ما نضى، وبعدين من وين ندور شَبّو أخضر أنحطه عدال قطعة اللحم، قال على أساس أنه مفيد للصحة، وأنّا متطورين زيهم، ونمضغ الأكل بتأني، لأنه يساعد على عملية الاستقلاب، والاستقلاب غير تلك «القلبة» التي تستوي بعد صحن العيش القايلة!
- أشكرهم بامتنان أنهم ما «ضرّونا» على شاي الساعة الخامسة، وهو شاي عادة بالحليب مع حلويات منتقاة ومعجنات محلاة، و«نحن عقب ذاك الغداء اللي تخبرون ما نروم نتحرك، وعقب ما نبخّ ذيك الرقدة، ما نروم نحط شيء في جوفنا، لأنه يغثي على جبودنا، وما نروم حتى نتنصخ»!
- أشكرهم لأنهم ما علمونا على بخلهم، و«إلا لكانت كلمات مثل: «هود، وهدأ، وأقّرب عليك رفجة، قد غابت من رمستنا، وأبطأ الخطّار عند باب البيت لافين، ولا سمعوا كلمة قلطّوا يا عرب»!
- أشكرهم أنهم ما رسخوا فينا عادات «الجنتلمان الإنجليزي» و«إلا بنتعب كل ما نشوف واحد خاطف في الشارع رفعنا له العقال، وإلا نتمّ نتراكض نفتح بيبان السيايير لحريمنا في الطلعة والنزلة، وإلا نشكرهن على أدناة الدون، نحن جذا وما رايمين عليهن، ولا طايقين على امارتهن»!
- بصراحة.. أشكرهم.. وبعنف!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن جريدة الاتحاد