بقلم : ناصر الظاهري
الكلمات الصادقة مهما قصرت هي في حقيقتها جامعة، مانعة، لازمة، تامة، وتختصر أموراً كثيرة، وتغني عن شروحات مفيدة، جملة قصيرة قالها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد مطمئناً الناس: «لا تشيلون هَمْ»، ستبقى هذه الجملة يتذكرها الناس في سرّائهم شاكرين، وفِي ضرّائهم صابرين، لقد دخلت تلك الجملة كل بيت في الإمارات دون تعيين أو تمييز، ومع الفرح والأمل وتجاوز المحنة، وتخطي الشدّة، دمت.. وأدامك الله تاجاً على الرؤوس، وذخراً للإمارات والإنسانية.
- يأتي عيد الأم في هذا العام خالياً من بهجته المعتادة، غير أن وجودها هو العيد، وبسمتها هي بهجته، لا نتمنى فيه إلا أن تبقى سليمة مشافاة معافاة، وتبقى لنا ذخراً، لأن الشكر أكثره لا يكفيها، والحب أصدقه لا يجزيها، والبذل كله لا يغنيها، لكل الأمهات الغاليات.. منكن نستمد العافية، ونعرف معنى الحب، ومدى الصبر، لا أبكى الله لكنّ عيناً، ولا فطر لكنّ قلباً.
- المزايدات وتصفيات الحسابات ليس وقتها في الأزمات، حيث الكلمة الطيبة تغني، وحيث الابتسامة في وجه الأخ تشد من العضد، وتدفع البلاء، وحيث التكاتف واجب من الواجبات، لا نريد ما أصاب غيرنا نجلبه لدارنا، ولا نريد أن نعبّد طريق المشاحنات، تلك فتنة أطلت برأسها وأدبرت بما كاد يدور بين بعض رجال الأعمال والناس، وخاصة مرتادي الوسائط الاجتماعية في تبادل الاتهامات، وكيل اللوم، بشأن التقاعس، وعدم المبادرة، والمساهمة في العمل الوطني، ومساندة القطاع الخاص للحكومة في مساعيها لاحتواء الأزمة، بصراحة.. ليس كل واحد في مقدوره أن يغرد سواء داخل السرب أو خارج السرب، قد يكون ناجحاً في تخصصه وعمله، لكن إن غرد، خانه التعبير، ولم يسعفه التفكير، فلا أصاب في الرخاء، وفي «الشطّات ما واحا لها».
- نشاطر الهلال الأحمر الإماراتي حزنه على مقتل رسل الخدمات الإنسانية في عدن، مثلما نشاطر ذوي القتيلين غدراً، فالأعمال الدنيئة لا يرتكبها إلا الحمقى، والذين نزعت من أرواحهم آخر ذرّة خير، وانعدمت منهم الرجولة، فرسل الخدمات الإنسانية ليس في أيديهم سلاح، ولا يخبئون في جيوبهم ذخيرة، هم فقط يذرعون الطرقات والأماكن البعيدة لإغاثة محتاج، وتطبيب مريض، ومساعدة طفل أو كهل أو توصيل غذاء أو دواء، هذه مهنتهم النبيلة، ولو وجدوا جريحاً من صفوف العدو، ولو كان مثل قتلتهم لأنجدوه، وأمنوا خوفه وروعه، ولو كان هالكاً عطشاً وجوعاً لكانوا مدوا إليه اليد الخالية من السلاح بالماء والأكل، حتى الحروب لها قوانين غير مكتوبة، لكنه العُرف الإنساني، والنُبل الإنساني، وأخلاق الفرسان، لا تقربوا شجراً، ولا تهدموا أثراً أو مدراً، ولا تقتلوا طفلاً أو امرأة أو شيخاً عجوزاً أو طبيباً مسعفاً، ولا تطؤوا بيتاً من بيوت الله، الحرب للفرسان، والجبناء وحدهم من يقتلون الأبرياء.