تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

ناصر الظاهري
بقلم : ناصر الظاهري

أيام الزمن الجميل، أيام المراسلات والرسائل، وركن التعارف في المجلات، حين كانت تفرحنا رسالة قادمة من بعيد، نتلهف عليها، ونفرح بطابعها البريدي إذا ما كان جديداً، وليس في مجموعتنا، ونظل نعيد قراءة الرسالة أكثر من مرة، وأيام كنا نسرّ بتلك البطاقات البريدية سواء للمعايدة أو حين يتذكرك صديق من مدينة بعيدة يزورها، وكانت جلها مناظر طبيعية من تلك المدن، أيامها كنا في أواخر السبعينيات، وفي صيف لندن، وفي صف مختلط من الأجناس والأعمار والجنسيات، كان يضمنا لتحسين لغتنا الإنجليزية المتعثرة من قِبلي، بالرغم من أن الأستاذين «محمود الضميري»، و«عبدالله القوصي» حاولا كثيراً، لكن بلا جدوى مع فتى يحفظ أجزاء من المعلقات السبع السموط، في ذلك الصف ذلك الصيف كانت من ضمن الطلبة فتاة من «تايبيه»، فيها عرق أحد البحارة البرتغاليين المستعمرين الذين لم يمكثوا طويلاً خلف البحور، كانت لطيفة، رقيقة لحم، وشعرها الأسود المشوب بدمعة من «البوردو» لا يستقر على كتف أو جبين، وعينان تشعرانك بالخجل الدائم، سبب تعارفنا الحقيقي، كان الجهل بالأوطان، فلا هي تعرف الإمارات، ولا أنا أعرف «تايبيه» التي بدأت لي أول وهلة، وكأنها أكلة فرنسية ربما معتبرة، نشأت بيننا تلك الزمالة الجميلة، وحين انتهى صيف اللغة كان الوداع صعباً على الجميع في الصف، وخاصة «ماريا».
ظلت الرسائل بيننا متبادلة واجتهدت أن أكون مرشداً سياحياً عن بعد لكل تفاصيل الإمارات وثقافتها، وكانت هي أقل حماسة في هذا الجانب، لكنها كانت تتذكرني بين الحين والآخر، وترسل رسالة فيها عن لندن أكثر من «تايبيه»، وفي المناسبات ترسل بطاقة معايدة، فأرد أنا بأحسن منها، بحيث لم أفوت مناسبة دينية لكل القديسين، إلا ومهرتها بكلمات عطرة، أكتبها في رأسي بالعربية، ثم أترجمها إلى الإنجليزية، ظلت المراسلات ممتدة على الأقل من جانبي المخلص، حتى بعد أن دخلت الجامعة في سنتها الأولى، حينها فاجأتني برسالة تطلب مني الانضمام لمجموعتها التي ستزور الفلبين، وعرضت أن نتشارك مادياً في تكاليف الرحلة، فكان جوابي لها: «نتشارك؟! لا.. عندنا الحرمة ما تدفع شيئاً ما دام الرجل موجوداً»، لم تفهم تلك العبارة العربية المنطق، والفحولية بامتياز، لكنها ربما تذكرت شجارنا الدائم في المطاعم الرخيصة في لندن عند دفع فاتورة الطعام.
كانت من الرحلات التي لا تنسى في حياة المسافر عاشق نهار المسافات، وليالي الوجد، تلك الرحلة المائية التي شقت وجهتها نحو حواف جزر الفلبين الساحرة، والغافية تحت ظلال الغمام، الساجدة لشمسها في شروقها وغروبها في تناغم جميل بين الطبيعة حين تتسيد، وتعلن حضورها على المكان، يومها كانت تلك الأمكنة شبه بدائية بكل تفاصيلها، وطقوسها، وترحابها بالغرباء الذين ما جاؤوا إلا ليرسلوا حبهم، ويغنموا وقتهم، ويقولوا للأشياء الجميلة: أنت جميلة، وفقط! وغداً نكمل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:33 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 11:57 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 01:57 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

انشغالات متنوعة التي ستثمر لاحقًا دعمًا وانفراجًا

GMT 01:57 2015 السبت ,03 كانون الثاني / يناير

الفنانة مي كساب تصوّر مسلسل "مفروسة أوي"

GMT 01:19 2014 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

استعد لتسجيل أغاني قديمة وحديثة لألبومي الجديد

GMT 11:27 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

جرأة وروعة الألوان في تصميم وحدات سكنية عصرية

GMT 22:04 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

جزيرة مالطا درة متلألئة في البحر المتوسط

GMT 21:59 2013 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

نشطاء على الفيس بوك يقيمون يومًا ترفيهيًا للأطفال الأيتام

GMT 09:20 2016 الأحد ,03 إبريل / نيسان

متفرقات الأحد

GMT 18:47 2013 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الصين تعرض تصدير 3200 ميغاواط من الكهرباء لباكستان

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة ترصد أهم خمسة أشياء تؤلم الرجل في علاقته مع شريكته

GMT 21:22 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل زيدان "في مهب الريح" للمرة الأولى

GMT 18:49 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

28 موديلا مختلفا لقصات الجيبات

GMT 04:49 2020 السبت ,18 إبريل / نيسان

تسريحات رفع ناعمة للشعر الطويل للعروس

GMT 03:10 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مي عمر تنضم لمسلسل محمد رمضان "البرنس" رمضان المقبل

GMT 02:53 2019 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

إطلاق مجموعة "لاكي موف"من دار "ميسيكا" باريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates