«السّبّة ببيزه»

«السّبّة ببيزه»

«السّبّة ببيزه»

 صوت الإمارات -

«السّبّة ببيزه»

ناصر الظاهري
بقلم : ناصر الظاهري

إلى أين بعض الناس ذاهبون بمجتمعنا الذي كان قبل سنوات بسيطاً ومتضامناً، وتخدشه الكلمة المعيبة، واليوم بدؤوا يعرّونه من ذاك الستر الجميل الذي يتصف به، ويميز ناسه، لم يكونوا بمثالية الملائكة، كانوا يتلاعنون ويتقاتلون، ولكن كانت هناك فروسية على الأقل فيما شجر بينهم، اليوم من بين بعض المآخذ على انفتاح مجتمعنا على العديد من الثقافات، أن أصيب بأعراض وأمراض تلك المخالطة، فظهر عندنا العنف اللفظي، كان في السابق مستوراً، وضمن جدران البيت، ومع الوحدة، وعند فئة دون أخرى، اليوم أصبح مشاعاً، وغزا الشارع، ويظهر في الأماكن الراقية، ويتعاطاه الوالد والولد، حتى الشجار المنزلي الذي كان لا يتعدى جدران الغرفة المشتركة بين الزوجين، صار اليوم علناً، وعلى وسائط التواصل الاجتماعي، ويشترك فيه ويتفرج عليه جمهور غفير، كثير منهم لا يعرف الزوج ولا الزوجة، في ذلك الزمان الذي أذكر أن السبّة نادرة، وإن صارت قد تصل إلى الدم أو العداء المطلق، لذا كان يمتنع عنها العقلاء، ولا يأتيها إلا السفهاء، وإن حدث وانطلق عيارها من اللسان، حوّطها في البداية الحكماء والمحبون، وتشفعوا من أجلها ومن أجل قائلها لكي لا يحدث ما لا تحمد عقباه، اليوم لأنها تشرعنت وتقننت، اعتبرها البعض مصدر رزق، وفرصة سانحة لكسب المال دون عناء، حتى غدت ظاهرة تستلزم الوقوف عندها، خاصة أن البعض رفع برقع الحياء، فالزوجة ترفع قضية على والد عيالها وبعد عمر ليس بالقصير معاً، لأنها اكتشفت أنه سبّاب لعّان، وتستطرد في شرح مسباته وشتائمه، بعضه قاله، وبعضه مما يكنّه صدرها، ويلجأن لقضايا ومحامين ومحاكم، ونشر الغسيل الوسخ لهذه العائلة، وبعض الناس اتخذوا قوانين القذف والسب، مصدراً للمتاجرة، فيتفق زوجان على واحد مثلاً، بعدما يعرفان حاله ونقطة ضعفه، ويعملان سيناريو للإيقاع به، ولا مانع أن يثلم الشرف الرفيع، وتحدث محادثات ومجادلات وأخذ وعطاء، ثم تتصاعد عقدة القصة حين يتم التهديد والابتزاز، واللجوء إلى «المحاكم الجديدة» قبل المحاكم المدنية التي هي منصات التواصل، ووسائط التفاعل الإلكتروني، ثم تجييش الحشود المستمتعة والمتفرجة، وحين يكسب الزوجان القضية والتعويض، يقولان: بهذا المبلغ سنربي أولادنا ونعلمهم على سمو الأخلاق، ومعاني الشرف!
أصبحت تسعيرة المسبات واضحة لدى الجميع، حتى مسبة الأميركيين الشهيرة، إذا قلتها بالإنجليزي، عُدّت مزحة، أما إذا ترجمتها بالعربي، فهي قضية حبس وتغريم وتسفير، مرات تدعي على بعض الناس من غلاهم، وإلا عليك ما يهونون، فيقومون برفع قضية ضدك يتهمونك فيها بخدش الحياء العام. اليوم بعض المسبات، ولو كانت من هذر اللسان، من تلك التي كنا قديماً نعيّرها بأنها من نوع المسبة المجانية «السبّه ببيزه»، جريمتها وغرامتها هذه الأيام أكثر من جريمة إراقة ماء النجاسة في صحن المسجد!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«السّبّة ببيزه» «السّبّة ببيزه»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 02:43 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الصحف العالمية تتناول تحديات وآمال رئاسة جوزيف عون في لبنان
 صوت الإمارات - الصحف العالمية تتناول تحديات وآمال رئاسة جوزيف عون في لبنان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل
 صوت الإمارات - أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 02:29 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

بلينكن يعرب عن أمله في التوصل لاتفاق بشأن غزة قبل تنصيب ترامب
 صوت الإمارات - بلينكن يعرب عن أمله في التوصل لاتفاق بشأن غزة قبل تنصيب ترامب

GMT 02:45 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

إلغاء ميتا التثبت من الحقائق سيكون له ضرر في العالم الحقيقي
 صوت الإمارات - إلغاء ميتا التثبت من الحقائق سيكون له ضرر في العالم الحقيقي

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 15:08 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استعراض واقع القطاعات الخدمية والمشاريع التنموية في طرطوس

GMT 02:16 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها

GMT 17:31 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة نجمة البوب الكورية سولي عن عمر ناهز 25 عامًا

GMT 00:04 2019 الخميس ,28 آذار/ مارس

صورة "سيلفي" تحول جسد فتاة إلى أشلاء

GMT 23:37 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فيصل خليل يؤكد أن الجمهور ينتظر بشدة منافسات كأس آسيا

GMT 21:06 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

علماء يختبرون مواد كيميائية تعمل على محو الذكريات

GMT 13:23 2013 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

رواج في حركة بيع العقارات بالعبور

GMT 17:54 2020 الخميس ,16 كانون الثاني / يناير

عواصف رعدية تجتاح ساحل أستراليا الشرقي

GMT 02:59 2019 الخميس ,22 آب / أغسطس

حسين الجسمي يطرح أغنية "دنيا" عبر يوتيوب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates