بقلم - ناصر الظاهري
- أيها الممتد على خريطة القلب، لك كل القلب، أيها الساكن في الرأس، لك كل الرأس، نذهب فيك عميقاً، أنت من علم أحفاده سرّ الغوص، تجرنا بحور بعدها بحور، نذهب فيك بعيداً، أنت من علم أبناءه عشق السفر وفرح اللقاء، نعتلي سحائب الدنيا، صهوات عتاق الخيل، ظهور حُمر الجمال، متن السفن الغابرات، لنظفر لك بموقع يليق بك ولك، نرحل فتكون أنت الحديث والمحور، يكون بحرك حاضراً، نخلك حاضراً، ويكون أناسك الطيبون حاضرين بمعانيهم الكبيرة، تكون حاضراً بكلك، مثل نجمة لا تغيب عن سمائنا، يقول العارفون: إن الوطن يبكي بحرقة حين يودع أحد أبنائه، ويقول العارفون: أن لا دثار يليق بالإنسان غير ثرى الوطن.
- حديث عن الوطن.. حديث عن الناس، تخرج الكلمات متعثرة بين الشعر وبين القصيد، بين المبنى والمعنى وبيت القصيد، حديث عن الوطن، حديث مثقل بالأحلام، بالأمنيات، بطموح يعتلي السحب، لا نرضى لك بموقع غير سكن النجم أو مرتع الشهب، في يوم عيدك يا وطني.. يتجلى نجم سعدك، أنت القابع بين العين ورمش العين، يشاطرك الأم والأخت والوالد والولد والحبيبة أركان القلب، والقلب أنت، وكلهم أنت، نبحر فيك وإليك، وما البحر إلا أنت، وما الشجن إلا لك وعنك، أنت رؤوس الجبال ومن سكن فيها، ولم يغادرها من ندر الرجال، أنت كثبان الرمال، وما خطت بدوية برجلها أو حَمّص بدوي قهوته، أو شدّ ناقته أو ظعن حاملاً خيمته، أنت النخل وأخضر، أنت في عطائها وأكثر، في صبرها على حرقة العطش وأصبر، كف الحبيب المخضب أنت، رائحة الحناء والعرض أنت، حشمة الأمهات، وطُهر الأخوات، والشرف كله أنت، فكيف لا يطرزون اسمك أغنية على شفة الزمان، بعرقهم وتحدي أحلامهم، وميراثهم من صبر الأولين.
- وطن الخير أنت.. عمر في الزمن قصير، وعمر في العمل طويل، أبوابك مشرعة مثل قلوب أهلك الخيّرين، للغريب والقريب، تحت سمائك يعيش كثيرون ولا تبخل على أحد، ولا تمنّ على أحد، شرعة الناس الطيبين، اللقمة الهنية للجميع، فرحة القلب أنت، بهجة النفس أنت، فاللهم لا تغير علينا نعمة الصبر، ونعمة الشكر، ونعمة الإمارات.
- في يوم عيدك يا وطني، تشرق أمانينا من جديد، فرحة بك وبعرسك السنوي، تبحث القلوب لك في بساتين الدنيا عن عقد فل وطوق ياسمين، يليق بزهوك، مثلما كان يرجع الغواصون جالبين أندر اللآلئ، لمن تستحق اللآلئ، وليزين الفارس خنجره العربي، وعمامته، تيجان أجداده، ولترفع البدوية برقع حشمتها لتصهل بزغرودة اللقيا بالعائدين، ونشوة المحيا لتلك الوجوه الغائبة في البحر وتحت الشمس من أجل الحياة، ضاربة بالزعفران ومسك الطيب وروائح الزباد، فاليوم اكتمال بدرك وعلو نجمك، يا وطني.. يا غالي.