بقلم - ناصر الظاهري
عرف الحب، قبل «فالنتاين» كما عرف بعده، فالحب «هالحرفين مش أكثر»، دائرة بدأ أبونا آدم مع أمنا حواء نقطة الرسم الأول في محيطها العظيم، لتتسع لكل الأفكار وأشكال التعبير والملهمات، فالحب دائرة كبيرة تتسع للجميع، ويضم إليها أيضاً «مطورو» المحبة الجدد من عشاق «فالنتاين» وتجار الورد الأحمر، والهدايا المرتبطة بمناسبة يوم الحب، طبعاً قد لا نذهب إلى ما ذهب إليه البعض من المتشددين من الدعوة إلى «الجهاد» ضد الورد الأحمر، ومنع استيراده وبيعه، لأنه مرتبط بمناسبة تعد من البدع، وتتبعها ممارسات تضر ببراءة الحب وعذريته وسموه.
بعض الناس يفهمون الحب أنه «شراكة من أول نظرة» بين المحبين، وآخرون لا يأخذون من الحب إلا ما قتل! والأسوأ أن ينظر بعض الناس إلى الحب باعتباره فقط الارتباط بين ذكر وأنثى، وليس عشرة محبة، وعشرة عمر، ومن قبيل الزيادة للمستزيد نقول ما قاله عباس العقاد في «قدرية الحب»: «نحن لا نحب عندما نختار، ولا نختار عندما نحب».
وبصورة أوضح يؤكد الفيلسوف ابن حزم في «طوق الحمامة» على عسرية مخاض الحب قائلاً: «لا أؤمن بحب شخص إلا بعد ملازمته لي لفترة طويلة، لأن ما يدخل عسراً، لا يخرج يسراً».
إنها قدرية الحب التي لا تعول كثيراً على اختيارك أو اختياري أو اختياره، وفي ذلك يقول الشاعر:
وإذا خشيت من الأمور مقدرا وفررت منه فنحوه تتوجه
وهذا لا ينفي حسن الاختيار، بل إن الاختيار ليس العنصر الوحيد في الموضوع، فهناك القدر أيضاً أو الصدفة أو الحظ، وتتعدد المسميات والحب واحد.
هناك طبعاً حب المجانين أو العذريين أو الرومانسيين: مجنون ليلى وجميل بثينه وروميو وجولييت، وفلانتينو وعنترة وعبلة وعطيل وديدمونة وكثّير عزة، وأشكالهما في كل الحضارات والعصور يتواجدون ويتناسلون.
هناك الحب غير الواقعي أو غير المتزن أو غير المدروس «مثل حب بعض الرؤساء والملوك والمشاهير، وإلا كيف يتخلى الملك إدوارد الثامن دوق وندسور عن العرش البريطاني من أجل عشيقته، وكيف يفضل تشارلز كاميلا على زوجته الفاتنة الراحلة ديانا، وهي الأجمل والأبهى و«أم العيال»، بل كيف تفسر حب رئيس الوزراء اليوناني السابق إندرياس بابا اندريو في شيخوخته لفتاة في سن ابنته، كانت مضيفة في الخطوط الجوية، وزواج بافاروتي من سكرتيرته التي تصغره بـ30 عاماً «نيكوليتا مانتوفاني»؟!
أخيراً والحديث يطول لا بد من فض الاشتباك بين حب جديد وآخر قديم في حياة كثير منا، حيث يغير كثيرون بوصلة قلوبهم باتجاه خط جديد، لكن عليهم في هذه الحالة أن يقفزوا فوق قول الشاعر:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الأول
عيد الحب.. «فالنتاين»، بكل المقاييس أفضل من اللاحب، وأجمل من الكراهية، للأوطان.. وللغاليات.. ورد حب أحمر.. وأكثر!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن جريدة الاتحاد