تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

بقلم _ ناصر الظاهري

أحياناً تقول سأقوم بمكافأة نفسي بقضاء يومين في فندق لكي أغتسل من ساعات الجلوس الطويلة، لأنك لا تقدر على السفر، رغم حاجتك الضرورية له، فتنهض من نومك، وتتلقى خبراً من مسعدات الحياة الصباحية أن هناك رحلة تنتظرك، تكون أنت قد بلغت حد تعبك وهموم يومك، تطارد الوقت، وتريد أن تسبق الأشياء، تريد فقط أن تتنفس برئة خالية من مضجرات اليوم، وتفاصيل صغيرة تورث ليناً في العظام، وحين تأتي مثل تلك الرحلة كمكافأة سماوية، لا تريد أن تعرف الوجهة، ولا طبيعة المكان، هو سفر لغاية السفر، وهرب من ضيق المكان هنا، لأفق المكان هناك، فكيف والرحلة من تلك التي لا تدري بحقيبتك، ولا شيئاً عن تذكرتك، وكل شيء فيها يمشي بمقدار، ووفق معيار، ووسط جمع، وصحبة لا يكفي دمع العين لفراقهم.

هكذا كانت الرحلة إلى مدينة «بدروم» التركية، وشواطئها الزرقاء، وتلك الجزر المتناثرة، والجبال الخضراء، يطوف بك مركب تلتفت يمنة فإذا بتركيا على اليمين، وتلتفت يسرة، فإذا باليونان عن الشمال، وتريد أن تفعل شيئاً، فلا تجد غير أن السعادة حاضرة، وتكتفي بذلك التأمل، وهدهدة المركب، فتستحضر كلما هو جميل لحظتها، وتتمنى لو أن الوقت يدوم في «بدروم»، ومن مرسى إلى رصيف إلى مرسى، تنتقل محتضناً الفرح، وتلك اللحظات التي تتمنى لو أنها لا تنشد الهروب.

في البحر، وذلك البساط الأزرق الممتد حد نظر العين، تضيع منك كل مناكفات اليوم، فلا تتذكر أحداً بأذى، ولا ترجو من أحد رجاء، أنت ونشيد البحر، ودفء الفضاء، وظل السماء، وتتفكر كم هي الحياة أجمل، والدنيا أسعد من غير شر، ولا تبّيت ضر، وخلق الكراهية، وصنع الجفاء.

في البحر يكون القلب للإيمان أدنى وأقرب، وتكون العين من البصر للبصيرة أدنى وأقرب، وتكون الحواس من الصدق والأمانة والصبر، وفعل الإحسان أدنى وأقرب، ويكون العقل للتفكر والتدبر والخشوع أدنى وأقرب، أي سر في هذا الأزرق، وأي سحر للصمت، وعطر للكلمات، وأكثر! يعريّ الإنسان، فلا يكون إلا الروح، والنور، والجوهر.

لا الصباح هو الصباح، ولا الليل هو الليل، أي فيض، وأي تداعيات تحضر، كلما توغل بنا المركب نحو زرقة مظلمة، نودع شمساً في مغربها، ونستقبل شمساً في مشرقها، والجهات أفق، ولا تنتهي المسافات، هي المرافئ التي تجبرك على التوقف عن الصهيل، ومناغاة الريح، هي وحدها من تجعلك تحبس دمعة على فراق الأشياء، ودفء الأمكنة، وساعات قبض السعادة بأطراف الأصابع، وحدها التي تجعلك تشعر بذلك الإحساس قبيل المغيب بيتم الأمكنة، وهروب الليل داخل البيوت، والشعور بالوحدة الباردة التي تأتي وحدها دون المطر.

ليس أجمل من رحلات البحر التي يمكنها وحدها أن تأخذك عنك، وتهرب بك من نفسك إليك! وغداً نكمل..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 11:57 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 13:56 2017 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

شيماء مصطفى تُقدّم حقائب من الجلد الطبيعي لعشّاق التميُّز

GMT 03:03 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

مهاجم إنتر يخضع لعملية جراحية ناجحة في ركبته اليمنى

GMT 18:13 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الأكسسوارات المنزلية جواهر تثمّن المشهد الزخرفي

GMT 08:06 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

محمد بن زايد يستقبل وفداً من البرلمان العربي

GMT 09:27 2019 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

طريقة سهلة وبسيطة لعمل تتبيلة السمك المقلي

GMT 23:45 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة لويس فويتون Louis Vuitton لربيع 2019

GMT 13:30 2018 الإثنين ,23 تموز / يوليو

الماس الأبيض يزيّن أصابعك بفخامة ورقي

GMT 13:15 2013 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

بدء اجتماعات اللجنة العربية للإعلام الإلكتروني في القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates