بقلم - ناصر الظاهري
الفرق بين إعلان ذكي، وإعلان بئيس، تماماً كالفرق بين الدبلوماسي المحنك، وبين حرامي الشوارع النشّال، الغمّاط، هدفهم واحد، توجهات مختلفة، وطرائق متعددة، واليوم صعدت صناعة الإعلانات جامعة الفن والذكاء والجرأة وسخاء المال من أجل التأثير، والمكسب الوفير، وحدهم جماعة الإعلام المهترئ الذي يستند إلى مقولة قديمة عفى عليها الزمن: «إن عض كلب إنساناً فهذا ليس بخبر، وإن عض الإنسان كلباً فهذا هو الخبر»، وهذا ما أراه أخيراً يغزو الفضاء الإلكتروني من إعلانات غبية، وساذجة، وغير معروف مصدرها، ولا تنطلي غير الذين يريدون أن يشتروا وهماً ويخسروا من كيسهم، إعلانات أقل ما يقال عنها إنها فقيرة، فكيف تأتي بالغنى؟! بئيسة، تعيسة، فكيف تأتي بالنجاح والسعادة؟! أدواتها قديمة وتريد أن تلعب في ملاعب حديثة، مثل فضيحة جنسية تهز الإمارات! وبعدها يظهر من يريد أن يبيعك الوهم من خلال التعامل مع الدرهم الأثيري، والجنيه الهوائي، والأسهم النارية الطائشة، وكلها أموال مبتكرة جديدة، لا أعرف كيف ستتحول إلى أموال سائلة، ومرات يختارون شخصية اقتصادية مرموقة، يظهر على الشاشة وكأنه يتحدث بصوت خافت، ليغطي عليه صوت المعلق الذي يقول لك: إنه بدأ بألف دولار، واليوم أصبح يملك المليارات، وهذه نصيحته للشباب العربي، استثمر ألف دولار في محفظة «شان مي هوان» في سنغافورة، ومرات أخرى يختارون صورة امرأة من التي تضعها صالونات التجميل عادة في نشراتها وإعلاناتها بمناسبة أن العيد قريب أو من التي تضعها ملصقاً على زجاج المحل، ومكتوب تحتها: هذه حصّة إبراهيم من الإمارات كسبت هذا الشهر 28 ألف دولار، هل تريد أن تصبح مثلها؟ تعال عندنا!
وهناك معلنون يستخدمون المشاهير وصوراً من مقابلاتهم، ويتصدرون بعناوين، مثل: هذا الهاتف الذي يستعمله أمير...، وناصر القصبي يعلن: لن أساعد فقيراً، وإن رأيته غارقاً لوسطه، فسأضع يدي على كتفيه أو شاهد بيت «جاكي شان» في دبي، وسياراته العجيبة، وحينما تفتح يظهر متسول يريد منك أن تستثمر عبر الإنترنت بمبلغ مئتي دولار، ليست نقداً، ولكن من بطاقتك الائتمانية، وهناك إعلانات ساذجة من التي تحضك على أن تكسب إلى جانب راتبك الشهري دخلاً يومياً، ما يعادل 987 دولاراً في اليوم، قال حقّانيين، ويحسبوها بالسنت وبالكسر، وهكذا لا أدري لماذا أشعر أن وراءها دائماً صيني مختبئ خلف دكانه، ويريد أن يقامر ويغامر، ومستعين بموظفين عاطلين عن العمل، ولا يملكون الذكاء الإلكتروني الجديد، وتمنوا في بداية تخرجهم لو وجدوا عملاً في قطاع التربية والتعليم لأنه أستر لهم، ودخله مضمون أو وراءه عصابة من التي تؤمن بقيمة الأفلام الهندية، ويعيشون الدور، ولكن في واقع الحياة القاسي والماكر والذكي، فيقتل زعيم العصابة من أول الفيلم!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن جريدة الاتحاد