بقلم - ناصر الظاهري
لا أعتقد أن واحداً منا، لا يتعكر مزاجه، ولا يتغير صباحه، حينما يفتح نقاله، ويتصبح بتلك الرسالة المبعوثة له من «AUH_ TRAFFIC» والتي بالتأكيد لا تبشره بالفوز بالجائزة الكبرى لمطار أبوظبي، ولا بالحصول على بيت شعبي، حتى أن البعض يظل يؤجل فتح تلك الرسالة من حينها إلى أن يغرّ فنجان قهوته أو يلطم «ريوقه» على عجل أو يتنازع مع الحرمة لتشتيت الضغط، وتحويل طاقة المخالفة السلبية إلى شيء أخف وأهون وألطف، ومن باب «الرهَوَة على المربوطة»، لكن ردة فعل تلك الرسالة الصباحية التي تأتي على الريق، تختلف من شخص لآخر، رغم أن فحواها واحد: «تم تحرير مخالفة على لوحة المركبة، الفئة الخامسة، خصوصي أبوظبي، وذلك بتاريخ 28 يناير، رصيدك من المخالفات 14 مخالفة، بمبلغ 6500 درهم، نرجو الالتزام بقواعد السير والمرور، ونتمنى لكم السلامة»، لكن لو جرب واحد أن يقول لامرأة: «تراك سويتي مخالفة مرورية أمس»، أول ردة فعلها: «لا أخوي أنت غلطان»! طيب الرجال ما يخصه حتى يكون غلطان، الغلطانة أنتِ، والمُخَالِفة أنتِ أو تسمعها تقول: «والله مب أنا»! طيب منو بنت جارتكم مثلاً؟ وإلا ذلك السائح الألماني المستأجر سيارة من مكتب تأجير السيارات، ومرات تسمعها تحتج، وتريد أن تغالط بتبريرات غير مقنعة: «مستحيل.. أصلاً أنا ما ظهرت من البيت اليوم»! يعني الرادار يتبلى عليك من بِدّة أمة محمد، ثم تحاول أن ترقق ردة فعلها، وتلطف من عنادها: «ليش؟ كيف؟ ما أعتقد أني تجاوزت هامش السرعة»، يعني الرادار ماكينة ديزل، وإلا جهاز حساس، ورقمي، ويمكن أن تكبر صوره حتى ترى بوضوح مجهري منابت شعر الجفون التركيبة، لذا أحسن لك أن تهدئي قليلاً، وفكري كثيراً قبل الاحتجاج على المخالفة المرورية، وبعدين إذا كان لديك اعتراض يحق لك أن تحتجي خلال شهر من تحرير المخالفة، وحين تذكّرها بقيمة المخالفات التي بالآلاف، وأنها كان بإمكانها أن تشتري بها حقيبة يد «ماركة»، بدل أن تروح هكذا ببلاش، تلقى اللوم في عينيها واضحاً، وتثقل عليها بذاك القول، حتى تشعرك كأنها مفلوعة، ولا تعرف من فلعها، وتريد أن تحط غضبها على أحد، لكن الأولاد كلهم في المدرسة، ولا أحد في البيت غير «البشكارة».
أما الرجل فردة فعله الأولى: «لا حول.. تراهم لعوزونا بهالرادارات، صارت أكثر من الصرم في الشوارع»، وربما تسمعه يتحرطم لوحده: «خلّهم يخالفون.. عجزنا من ضرب هالبريكات، ركبنا راحت، وسفايف سيارتنا دخنتها وصريرها من بعيد»، وقد يشارك العباد كلهم في تلك المصيبة: «يعني أنا أخّيَر من فلان وإلا علان، مساكين ربع معاشاتهم للمخالفات»، الرجل لا يحتج بقدر ما يبحث عن تبرير، وحين يعجز طبعاً بعد السب والاستغفار مباشرة، يرق صوته بحثاً عن طمأنينة دينية تريحه: «عسى الله يهديهم، ويخفضون هالمخالفات مثل السنة الماضية، وإن شاء قبل رمضان، وقبل ما تنتهي الملكية»!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
قلا عن صحيفة الأتحاد