رائحة الخوف

رائحة الخوف

رائحة الخوف

 صوت الإمارات -

رائحة الخوف

ناصر الظاهري
بقلم : ناصر الظاهري

لا أحد يدرك متى بدأ خوف الإنسان الأول، هل حين زمجرت الطبيعة في وجهه، فصنعت ذلك الخوف من المجهول، ولجأ إلى عبادة ما كان يخيفه من رعود وبروق وبراكين؟ أم حين حلّ الليل عليه بصمته وسكونه وسواده، وخلق لديه حالة من الترقب والتوجس والانتظار؟ هل بدأ الخوف الأول عند الإنسان حين رأى الدم يراق لأول مرة، حين شهدت الدنيا أول جريمة عليها؟ هل الخوف طبيعة في الإنسان أم هو شيء مكتسب من الحياة وظروفها والتجارب الطفولية؟ هل الخوف يلازم الروح أم الجسد؟ هل الخوف مركب في النفس، وينزل معنا، ونشعر به حال قطع حبل السرة؟ لمَ يظل الخوف يرافقنا في مراحل عمرنا، الخوف من الماضي، والخوف من الحاضر، والخوف من المستقبل؟ هل الجبن هو خوف من الخوف نفسه؟ هل للخوف رائحة تميزه، لا يدركها صاحبها، وله علامات فاضحة، ترجف الجسد، وتجحظ العين، وتفغر الفم، وتجف اللسان، وتزلزل أحشاء المعدة؟ لِمَ يبالغ البعض من مظاهر الخوف؟ وهل الخوف درجات؟ وهل يختلف الخوف عن الفزع، عن الجزع، عن الذعر، عن الرعب؟ هل ينتقل الخوف بالعدوى من إنسان لآخر، أو من إنسان لحيوان؟
تلك الأسئلة تتبادر على الذهن، حين نرى العالم كله وهو يعيش حالة من الخوف الجماعي، والهستيري بسبب تفشي فيروس ما، كيف يتغير حال العالم بين ليلة وضحاها، الحروب تفعل ذلك، الأمراض والأوبئة تفعل ذلك، الظلم حين يسود يفعل ذلك، غضب الطبيعة يفعل ذلك، ورغم كل ذلك الكم من الخوف الجماعي تجد أناساً يقاتلون من أجل البقاء، وتجد الهاربين إلى الأمام يسبقهم جبنهم الذي هو خوف مضاعف، وتجد صنّاع الحياة الجديدة بعد الخراب، بطلاً قومياً، مخترعاً عبقرياً، طبيباً ملهماً، ومضحين كثيرين من أجل أن يبقى الجنس البشري على هذه الأرض، ومن أجل أن تظل الحضارات الإنسانية قائمة ومزدهرة.
ظهر الإرهاب وزرع في نفوس الناس الخوف الجماعي، ظهرت إنفلونزا الطيور و«سارس» والخنازير، فارتعب العالم وعاش حالة الخوف الجماعي، ظهر الإيدز، وظهر معه الخوف الجماعي، ظهرت الجمرة الخبيثة جالبة معها الخوف الجماعي، هو خوف الاحتراز، وخوف التوجس، وخوف اجتماعي، والإنسان في ظل مخاوفه الكثيرة قد يتقبل بعضها، وقد يرضى بخساراتها، وقد يقدم على التضحية كأولويات في بعضها، ولكن الخوف المهدد الوحيد الذي لا يقبله أن ينهي وجوده، وتكون حياته هي الثمن، ودنو الأجل، وذاك السؤال الأبدي الذي يظل يقلقه، وهو الموت، لأنه سيكون خوفه الأخير الذي لا يعرف كنهه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رائحة الخوف رائحة الخوف



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 02:43 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الصحف العالمية تتناول تحديات وآمال رئاسة جوزيف عون في لبنان
 صوت الإمارات - الصحف العالمية تتناول تحديات وآمال رئاسة جوزيف عون في لبنان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل
 صوت الإمارات - أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 02:29 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

بلينكن يعرب عن أمله في التوصل لاتفاق بشأن غزة قبل تنصيب ترامب
 صوت الإمارات - بلينكن يعرب عن أمله في التوصل لاتفاق بشأن غزة قبل تنصيب ترامب

GMT 02:45 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

إلغاء ميتا التثبت من الحقائق سيكون له ضرر في العالم الحقيقي
 صوت الإمارات - إلغاء ميتا التثبت من الحقائق سيكون له ضرر في العالم الحقيقي

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 15:08 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استعراض واقع القطاعات الخدمية والمشاريع التنموية في طرطوس

GMT 02:16 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها

GMT 17:31 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة نجمة البوب الكورية سولي عن عمر ناهز 25 عامًا

GMT 00:04 2019 الخميس ,28 آذار/ مارس

صورة "سيلفي" تحول جسد فتاة إلى أشلاء

GMT 23:37 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فيصل خليل يؤكد أن الجمهور ينتظر بشدة منافسات كأس آسيا

GMT 21:06 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

علماء يختبرون مواد كيميائية تعمل على محو الذكريات

GMT 13:23 2013 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

رواج في حركة بيع العقارات بالعبور

GMT 17:54 2020 الخميس ,16 كانون الثاني / يناير

عواصف رعدية تجتاح ساحل أستراليا الشرقي

GMT 02:59 2019 الخميس ,22 آب / أغسطس

حسين الجسمي يطرح أغنية "دنيا" عبر يوتيوب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates