دموع في محجر العين

دموع في محجر العين

دموع في محجر العين

 صوت الإمارات -

دموع في محجر العين

بقلم : ناصر الظاهري

- توفي الكاتب الذي كان ينحت الصخر، والشاعر الذي كان يطرب بأقل وأدل وأعمق، توفي الصديق «خيري منصور» الذي جمعتني به الحياة في مدن كثيرة، بدايتها بغداد، وبيروت، والقاهرة، وعمّان، وأبوظبي، وآخرها دبي، وجمعتنا ندوات ولقاءات أدبية، وأمسيات من الثقافة والظُرف، وعضوية لجان صحفية وإعلامية، كان أنيقاً، ومتأنقاً على الدوام مثل كاتب فرنسي أو روسي من القرن التاسع عشر، تماماً مثل عباراته التي يمتحها من ثقافة إنسانية عميقة، كان متوائماً مع نفسه، ومع أسلوب حياته، متجذراً في الجرح الفلسطيني، والشتات العربي، كان يريد من الحياة أجمل ألوانها للإنسان..

لك الرحمة، ولروحك الطمأنينة والسكون أيها الصديق، فقد آن لقلمك ولقلبك أن يستريحا تحت ظل غمامة زرقاء ممطرة لا تغيب.

- توفيت امرأة تقية من جيران الأمس الجميل، كنت أذكرها وهي تضع في يدي الصغيرة المتعرقة عيدية العيد الصغير، يومها كان الجيران أهلاً، وكانت البيوت مشرعة أبوابها، وقلوبها، وكانوا الأهل أهلاً، توفيت «فاطمة بنت حميد النعيمي» في دعة وسكينة، لاحقة بذاك الرجل الذي كان لها وللآخرين ظلاً بارداً، لم أر «أحمد بن عيلان المهيري» إلا ذاهباً لمسجد أو راجعاً منه تسبقه التسبيحات، والدعاء بالشكر والحمد، وحين تخرّ دمعة صامتة من عيون عجائزنا، ندرك أنهن يودعن زمنهن، ويودعن الغاليات من «وَطرهن» الذي مضى، لها الرحمة والمغفرة، والعزاء واجب لأبنائها وبناتها من جيران الأمس الجميل.

- توفي فنان قدير، وممثل استثنائي، وإنسان راق في الحياة والعمل، عرفته فرنسا من أمه الفرنسية، وعرفته مصر من أبيه المصري، عمل في مسرح «الكوميدي فرانسيز»، كما عمل في السينما الفرنسية والتونسية والعالمية، أشهرها «فيلم لورانس العرب»، وقدم أدواراً مذهلة منذ فيلم «الصعود للهاوية»، وتمرد على الأدوار النمطية التي حبسته فيها السينما المصرية، فأضفى عليها من شخصيته وإبداعه وعمق ثقافته، ليعطيها رونقاً مختلفاً، عاش طويلاً، وكان يقول: «كنت أعد السنوات، ولَم أكن أدري أنها تنقص من عمري»، للجميل، «جميل راتب» الرحمة والمغفرة، فقد أمتعنا، وأدهشنا، وعلّمنا أن الفن هو الحياة بألوانها الجميلة.
- توفيت الفنانة «مائدة نزهت»، وكنا نعتقد أنها فارقتنا منذ زمن أبعد، بعض الفنانين حين يتركون الفن أو هو يتخلى عنهم، تنفرد بهم الحياة، وتغيبهم الوحدة، فلا نعود نتذكرهم، وإن تذكرناهم تذكرنا وقتهم المضيء، وتغافلنا عن يومهم الذي يمضي بحسرة، ونكران الجميل، حيث لا شفيع للفنان حين تطفأ عنه الأضواء، غير الذكريات المُرّة، وغير «ألبوم» قديم بصور باهتة، وتلك الدموع المتكسرة في عينيه اللتين تدمعان غدر الحياة.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دموع في محجر العين دموع في محجر العين



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 08:12 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"برشلونة يحسم صدارته للمجموعة الثانية في "دوري الأبطال

GMT 06:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

توم هانكس يؤكد أن عرض فيلم "غرايهاوند" 10 تموز

GMT 08:32 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مانشستر يونايتد يفقد شاو في مباراتين

GMT 13:17 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أروى جودة تُؤكِّد على عدم الاشتراك في مسلسل "قيد عائلي"

GMT 07:56 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

سيف بن زايد يستقبل شيخ الأزهر الشريف

GMT 00:51 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"برشلونة" يرغب في ضم البرازيلي إيميرسون أباريسيدو

GMT 01:16 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

فهمي الخولي يُقرر تحويل رواية "الأرض" إلى عرض مسرحي

GMT 13:40 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات أنيقة بالحجاب على طريقة الفاشونيستا صوفيا غودسون
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates