بكت أبوظبي فبللها المطر

بكت أبوظبي.. فبللها المطر

بكت أبوظبي.. فبللها المطر

 صوت الإمارات -

بكت أبوظبي فبللها المطر

بقلم -ناصر الظاهري

في مثل هذا الشهر ودّعنا زايد الحب الكبير، وودّعنا ابنه قرّة عينه سلطان الطِيب، وودعنا قبله وبعده رجالاً كانوا معه وحوله وعنه ومنه، انسلوا من الحياة واحداً.. واحداً، لم يبق منهم اليوم الكثير، رجال تلك المرحلة القاسية من حياة الناس والأوطان، رجال صنعوا من ملح الوقت، ومن الشدائد حين تعجن البشر، يتبادى عليك واحد منهم، فلا ترى إلا سيماء الصبر والجَلَد عليه، وإن ودعك أحدهم فلا تتذكر منه إلا كلمة

الشرف التي تربط الرجال، هكذا هم عاشوا ينحتون الصخر، ويضربون آباط الإبل، يسرحون ويسرون مواصلين نهارهم بليلهم مهتدون بقص الأثر، واتباع النجم لكي يبقوا على رمق، يتشبثون بالحياة لهم ولمن حولهم، ومن يتبعهم في زمن الفاقة، وزمن الجدب، كانوا يقدمون الآخر على النفس، ويولمون للضيف، ولو باتوا على الطوى، ويؤمِنون روع المستغيث، كانت تسيّرهم نخوة عربية، وعادات ضاربة في الصحراء

والقِدم، منها كانت الشرعة الأولى، وإليها سيرجعون إن جدّ أمر أو تداعت الأشياء، قد يتناسون كل شيء إن زحف خطر نحو الأرض والناس، فيغدون حينها درعاً ورمحاً، وهكذا كانوا دائماً، وإن جاء القوم وسيوفهم في أغمادها، باسطين كف السلام، كانوا صدوراً مشرعة للكرم والتبجيل، وهكذا كانوا أيضاً دائماً.

كثيرون منهم كانوا حول زايد الخير، وكثيرون منهم رافقوه في حله وترحاله، وكثيرون غامروا مع مدى أحلامه، استأمن بعضهم، وأوفد بعضهم، كان يسمع لهم من دون حجاب، ومن دون ألقاب، وكانوا يتشاورون معه في أمور تخص الناس، ويأتمرون بأمره، وكان هو يلقي على أكتافهم ما خف، ويحمل عنهم ما ثقل، وحينما تحققت الآمال، وأصبحت حقيقة الأحلام، وعم الرخاء لم ينسهم، وهم لم يتغيروا، كانوا كما كانوا بأمسهم العضد والسند وقول كلمة الحق، دالين على فعل الخير، وساعين له، متعففين عما يمكن أن يعلق بثيابهم من دنس لم يعرفوه في سابق أيامهم.

بالأمس في ذلك الفلا والعراء، والصمت صلاة، والدمع دعاء تذكرتهم وبشدة، فالأحزان تثقل الإنسان بأحمالها نحو لحظة تأمل، وصوب سكون تدبر، وتذكر المارّين على وقتنا من نبلاء وخيّرين، وهم كُثر، منهم من ترّجل، ومنهم من اتخذ قبلة لهرمه وخريف عمره، عاصروا أحداثاً، تكشفت عن حلوها، ومن مرّها، رافقوا زايد الخير في حر وقر، وتسامروا معه في أماكن كثيرة ليس فيها إلا صفير الريح، وعواء سرحان ذيبها،

كان مرأى وجوههم مؤشراً لقراءة ما يشعر به الناس، وما يمكن أن ينقصهم في دنياهم، كلمتهم واحدة وصافية، قد يردفون بعد اسم زايد طويل العمر أو يكتفون بالاسم مفرداً لشخص خبرهم، ووثق بهم، ويعرف صدقهم، وطوية نفوسهم.
حين نفقد غالياً مثل سلطان، أتذكر كل الطيبين والمخلصين، وأشفق على مدينتي من الحزن، بالأمس.. لا تقولوا لم تبك أبوظبي، ولم يبللها القطر والمطر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بكت أبوظبي فبللها المطر بكت أبوظبي فبللها المطر



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 02:43 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الصحف العالمية تتناول تحديات وآمال رئاسة جوزيف عون في لبنان
 صوت الإمارات - الصحف العالمية تتناول تحديات وآمال رئاسة جوزيف عون في لبنان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل
 صوت الإمارات - أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 02:29 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

بلينكن يعرب عن أمله في التوصل لاتفاق بشأن غزة قبل تنصيب ترامب
 صوت الإمارات - بلينكن يعرب عن أمله في التوصل لاتفاق بشأن غزة قبل تنصيب ترامب

GMT 02:45 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

إلغاء ميتا التثبت من الحقائق سيكون له ضرر في العالم الحقيقي
 صوت الإمارات - إلغاء ميتا التثبت من الحقائق سيكون له ضرر في العالم الحقيقي

GMT 19:45 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

محمد صلاح يؤكد سعادته بفوز فريقه على ساوثهامتون

GMT 12:49 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

اكتشاف 4 مقابر لأطفال في أسوان أحدهم مصاب بشكل خطير

GMT 19:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:34 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

أحدث إطلالات جيجي حديد في اول ظهور لها في نيويورك

GMT 20:55 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

4 وفيات اثر حادث تصادم على الطريق الصحراوي

GMT 15:33 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

أنواع فيتامين "الأوميجا" تعمل على تغذية الجسم

GMT 14:42 2013 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

وحيد حامد في ضيافة خيري رمضان في برنامج "ممكن"

GMT 19:05 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

3 تطبيقات مجانية لمراقبة أداء أجهزة "آيفون"

GMT 14:49 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

الإعلام يساهم في تغير المجتمعات نحو الأفضل

GMT 10:43 2013 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة : غسل اليدين يزيد الطالب تفوقاً

GMT 00:49 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أفضل عطر نسائي للمرأة العاملة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates