القلق في الصغر

القلق في الصغر

القلق في الصغر

 صوت الإمارات -

القلق في الصغر

بقلم : ناصر الظاهري

 ما أذكره، ويذكره جيلي، وما يليه في ذلك الزمن الذي غدت الأمور فيه بسيطة ومتقاربة وتسير بمهل، وبعيدة عن التأثير الخارجي الدافع والمحاصر أو الداخلي الذي يريد أن يتقشر ويتفجر، في ذاك الوقت لم نكن نعرف التوتر والقلق والضيق والتبرم والغضب في سنوات عمرنا المبكرة، حتى طَرّ الشارب وأخضرّ، وبدأنا نكتشف الحياة، وما فيها، اليوم أطفالنا في أعمار جد مبكرة، وتكاد أن تأتي بعد سنة الحبو، وتعلم المشي، يتعلمون كيف يلعبون بـ «الآيفون والآيباد»، ويتصارعون مع الصور المتحركة، والألعاب بأنواعها، تجد طفلاً في الثالثة متوتراً، ومُركزاً، وأعصابه مشدودة لدرجة لا يريد أن يرفع عينيه من على الشاشة، بنت في الرابعة والخامسة تظل وهي تلعب تحرك قدميها دليل القلق، وعدم الاستقرار، والتوتر الذهني، وما يصاحبه من حركات جسدية، وعضلية غير إرادية، وإن انهزمت في لعبة ما، تجدها تنهض واقفة، تسب، وتكاد أن تضرب «الآيباد» بالأرض، لقد تعد الأمر من اللهو إلى الالتهاء التام، ومن قضاء وقت فراغ في لعب لعبة معينة إلى التوحد التام بالجهاز، لقد صحبت ابنتي مرة، وبقيت أقيس تلك التجربة التي لم نعهدها في صبانا، فمنذ أن ظهرنا من أبوظبي، وحتى بلغنا مشارف العين، ورأسها مطأطئ على تلك الشاشة الالكترونية، تضحك وحدها، وتتذمر وحدها، وتندب حظها مرة، ومرة أسمعها تقول: «يَسْ، ومرة «أو.. ماي كاش»، وهكذا راحت سدى تعاريفي لأسماء المناطق القديمة التي تقطن طرفي شارع أبوظبي العين، كما راح سدى أي حوار حاولت أن أجريه معها بشأن أي موضوع، كل المسائل لديها كانت مؤجلة، «وبعدين بابا».

علينا أن ننتبه لحجم القلق الذي يربيه أطفلنا معهم منذ نعومة أظفارهم، بسبب هذه الأجهزة الحديثة، وحجم التوتر الذي تخلقه هذه الألعاب الإلكترونية لهم، لذا قلما ترى شاباً في أوروبا أو أميركا من هذا الجيل الإلكتروني سوياً، إما يأكل أظافره حتى يدمي أصابعه، وإما نظرته شاردة لا تدري إلى أين، وإما يعضّ لبانته التي ذهب رحيقها الحلو، وإما لا يقدر أن يجلس على بِيصِه، وكأن مشكلة الشرق الأوسط على رأسه.

اليوم هذا المرض العصري وصل لبيوتنا، يصحو ابن الرابعة، وكأنه كان يحلم بنقّال أمه، وبنت الثالثة، قاموسها اللغوي لم يزد عن بابا وماما ثم «آيفون»، ولا أتطرق لأعمار ما فوق العاشرة، فهؤلاء يدخلون معارك مع أجهزتهم، ولا يخرجون منها دائماً منتصرين، مما يربي لديهم الغضب العارم، وحب الانتقام، والعنف اللفظي والجسدي.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر : جريدة الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القلق في الصغر القلق في الصغر



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates