تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة وحقيبة سفر -1-

تذكرة وحقيبة سفر -1-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

نسافر.. وفي البال أشياء كثيرة معلنة، غير أن الشيء الوحيد غير المعلن، لكن تتركب عليه أسفار معظم الناس، وهو البحث عن السعادة، نسافر لنكون سعداء، وسعداء نحن حين نسافر، وإن غابت السعادة بحثنا عن طرقها، وأين يمكن أن تكمن، ربما يجدها البعض في الجلوس على مقهى على الرصيف، يتأمل في الوجوه الإنسانية بخياراتها المختلفة، الوجوه المتعبة، والفرحة، وعاشقة الحياة والوجود أو المنطوية على أحزان النفس وخساراتها، ربما يمسك بها البعض أثناء الدخول في حارة تاريخية قديمة، تجرّه لزمانها الموغل في التاريخ، وتسرب لرئتيه غبرة أحداثها ووقائعها، وربما دلّته على منابع العشق الذي يبحث عنه بصوفية صامتة، البعض الآخر يكفيه الشعور بأنه حر، لتبدو السعادة مكتملة أمامه، ولا يكتفي حتى تأخذه السعادة بيديه قاصدة أوجه الخير التي يحبها، ولا يعرف كيف يمكن أن يجدها.
ذات سفرة في مدن الله الكثيرة، رأيت ما يشبع العين، وما يمتع النظر، وما يجعل النفس راضية مطمئنة، رأيت أناساً سعداء، فأسعدوا لحظتي، رأيت أناساً يبكون فرحاً، ويوزعونه على الناس، فتتلون الحياة بهم وبكرمهم، رأيت أناساً يتعثرون بمفاتيح السعادة في طرقهم، غير أنهم لا يتعرفون عليها، وكأنها أحجار عثرة في الطرقات، رأيت أناساً تُسرق منهم السعادة بأشياء صغيرة، فلا يقدرون على استعادتها ثانية، ورأيت أناساً يستوردون الحزن لدنياهم، لأنهم لا يعرفون ما يملكون، لكن ذات مرة، في ذات سفرة، في إحدى مدن الله الكثيرة، رأيت رجلاً سعيداً، ويضفي عليه جلباب الفرح في كل التفاصيل والأشياء الصغيرة، فحدثني قائلاً حتى توهمت أنه قريني من الإنس يحادثني:
هكذا هي السعادة صعب أن لا تظهر تباشيرها على الوجه، كما الحزن لا يمكنه أن يجعل الوجه متورداً، وتلك السحابة السوداء أو الرمادية تظلل الرأس، وتجثم على الصدر، ولأن السعادة مفاتيحها صغيرة، يمكننا أن نجدها في كل جيب، ونعثر عليها في الطرقات، لكننا نصر على البحث عنها، ونحن مغمضي العين والقلب: سعادتي متجددة، متواصلة، بعد أن نجوت من الحرب التي خضتها صغيراً، ولم أكن أعرف ما هي الحرب، قيل لي يومها دفاعاً عن الوطن، وفي سبيل التحرر، كنت صغيراً، ولم أكن واعياً بدوري الوطني، ما أعرفه ولا أريد أن أتاجر به، أنني حملت السلاح لأنجو بنفسي من معارك في أوحال الغابات دامت سنوات، قتل أصحابي
العشرة، وبقيت أنا ورفيق السلاح الوحيد، اجتزنا السهول والوهاد، خضنا النهر الموحل، وأكلنا كل شيء لنبقى على رمق أخير من الحياة، ثم مشينا لشهور حتى مدينتنا، وحين وصلناها كانت

لحرب وقتها قد أوقفت طبولها، كنت حينها سعيداً بلا حدود، وحين دخلت بيتي الصغير، ورأيت أمي وأبي أحياء، سعدت أكثر، وحين أتذكر أنني ما زلت أمشي بصحة، وعلى قدمين صلبتين، أبقي على إحساسي بالسعادة الدائمة.. وغداً نكمل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 01:32 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

طالبات مواطنات يبتكرن جهازًا للوقاية من الحريق

GMT 05:07 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الفيصلي يقف على أعتاب لقب الدوري الأردني

GMT 08:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

اكتشفي أفكار مختلفة لتقديم اللحوم والبيض لطفلكِ الرضيع

GMT 04:05 2017 الثلاثاء ,25 إبريل / نيسان

فريق "العين" يتوّج بطلًا لخماسيات الصالات للصم

GMT 04:55 2020 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

أحمد زاهر وإبنته ضيفا منى الشاذلي في «معكم» الجمعة

GMT 18:24 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مجوهرات "شوبارد"تمنح إطلالاتك لمسة من الفخامة

GMT 05:40 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

هبوط اضطراري لطائرة متوجهة من موسكو إلى دبي

GMT 22:49 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

منزل بريستون شرودر يجمع بين التّحف والحرف اليدوية العالمية

GMT 21:38 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد وخالد بن زايد يحضران أفراح الشامسي والظاهري بالعين

GMT 04:11 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ظهور القرش الحوتى "بهلول" في مرسى علم

GMT 00:56 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

تعرف على فوائد وأضرار الغاز الطبيعي للسيارات

GMT 00:14 2015 الثلاثاء ,03 آذار/ مارس

صيحة الدانتال لمسة جديدة للأحذية في ربيع 2015
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates