بقلم : ناصر الظاهري
للعين مترادفات لغوية جميلة، وللعين اشتقاقات لغوية كثيرة، والمكان في العين له مهابة التاريخ، وجلال الحضور، والعين وحدها التي لا يمكن لزائرها أن يخرج منها خالي الوفاض، دون أن تدس في يده شيئاً من مسك عطرها، هكذا هي العين.. وهكذا كانت أيامها الأربعة، فاتحة للقادمين إلى ربوعها باباً غير موارب، مانحة شيئاً من دفء شمسها الخجولة في شتائها، باعثة في الحاضرين من أرجاء الوطن العربي شيئاً من ذلك الوهج الذي يحض على فعل الإبداع، ومشاغبة الكتابة، وكيف يمكن للبصر أن يتجلى نحو نور البصيرة، أربعة أيام سمان حاملة ضجيج السينمائيين، وأحلام الحالمين، وتوجس صناع الأفلام، وذاك الصيد للصحافيين والإعلاميين، أربعة أيام مدة «مهرجان العين السينمائي» في دورته الثانية، والذي حرق المراحل ليتخطى مرحلة الحبو، ويثب قبل اكتمال شهره السابع، تاركاً تلك البصمة التي تعملها يد الطفل الطرية على جدران الطين، وخربشات من أظافره الناعمة، ليقول للآتين من مدنهم: لا.. لا تمروا هكذا، أنا هنا.. وغداً هناك!
هذا المهرجان إنْ وجد الرعاية، والاحتضان، وذلك الدعم الذي لا نريده أن يشبع، ولكن يغني من جوع، قادر بفضل همم الشباب، وقلوب المحبين، وتضافر جهود المودين أن يحلق بعيداً وعميقاً، واتركوا الباقي على العين، هذا المهرجان قد يصبح دولياً بفضل التفاتة بسيطة، وبفضل تخطيط صحيح بأيدٍ وطنية، وتعاون بين السياحة والثقافة وبين مؤسسات وطنية قيل لنا أنها تعنى بشأن السينما كحرفة وصناعة ومستقبل، بعد ذاك اتركوا كل شيء للعين، فهذه المدينة قادرة على أن تخلق أجواءها الساحرة، وقادرة على فعل الدهشة، وقادرة على أن ترفع العين عن الحاجب، وترى بتلك البصيرة التي ما خذلتها في سواد الليالي، ومدلهمات الأمور، بعض المدن قادرة على أن تصنعها أشياؤها.. وبفرق.
شكراً للعين.. شكراً لراعي المهرجان، الشيخ سلطان بن طحنون، وشكراً لذاك الحضور البهي للشيخ سعيد بن طحنون، وروحه الطيبة مع الكل، وتواضعه الجم مع الجميع، وتفاعله بفضل ثقافته واطلاعه الذي أدهش الجميع في حفل الافتتاح، وحفل الختام، والشكر موصول للقائمين على المهرجان، المخرج «عامر سالمين» وفريقه الجميل والمتجانس، شكراً لمن حضر لربوع العين التي لا تفتأ أن تضع زائريها على الرأس، وفي مقلة العين، شكراً للفيلم الفلسطيني التحفة «إن شئت كما في السماء»، والفيلم السوداني الاستثنائي «ستموت في العشرين»، والفيلم العراقي «شارع حيفا» والفيلم المغربي «رُحلّ»، والفيلم السعودي «آخر زيارة»، والفيلم البحريني التسجيلي «هزيع الباب الأخير».