تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر -1

تذكرة.. وحقيبة سفر -1

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

ناصر الظاهري
بقلم:ناصر الظاهري

قبل أكثر من أربعين عاماً، وقف صبي في يوم ممطر بجاكيت أصفر، وغطاء رأس أزرق، وكاميرا ألمانية «أغفا» صغيرة، مبهوراً، وهو يرى لأول مرة في حياته ساعة بذلك الحجم الشيطاني، وكأنها آلهة تحرس المدينة، ظل بصر الطفل متعلقاً بتلك العقارب العملاقة لساعة «بيج بن»، وسمعه بدقاتها المنتظمة، بقي متسمراً بحيث نسي الوقت في حضور سيدة الوقت.
ظل ذلك الحلم يكبر به، وينتقل معه في مدن العالم، وظل كعادة جميلة يحبها، ويحب أن يقف أمام ساعات المدن التي تتسلق الجدران في شيء يشبه الخشوع لربات الوقت، ومع مرور الوقت، ومضي سنواته، وقف يسأل: هل الزمن غير الوقت؟ وهل هو وراؤنا يلاحقنا؟ أم أمامنا يسبقنا؟ هل كان الزمان فراغاً.. وامتلأ بالإنسان؟
من هنا بدأت حكاية ساعات المدن التي أحرص على التوقف عندها في كل مدن العالم، وبعض الساعات هي ما تغريني بزيارة بعض المدن، أدهش وأنا أسمع موسيقاها، أتذكر بحزن تلك الفاردة أجنحتها على الجدار إن مرت عليها حروب أو حرائق أو نهب حينما يتوحش الإنسان، أشعر بوطأة الزمن عليها حين تتكبر عليها المدن، فإما تزال بفعل الهجمة الرأسمالية، ومصالح السوق، فتصبح ذكرى في رؤوس من عاصروها أو سمعوا عنها حكايات من الأولين أو هي تقف خلفهم في ذاكرة صور باهتة تندس في «ألبوم» العائلة أو ببساطة تدهسها عجلة الزمن الجديد، فالوقت ليس وقتها، ولا الزمن زمنها، هكذا غابت ساعة العين ودوار الساعة، وهكذا رحلت في صمت وغفلة ساعة أبوظبي على الكورنيش، وحدها ساعة دبي الباقية بأذرعها الأسطورية.
في كل المدن هناك ساعات لا تتشابه، لكل منها شخصيتها وحضورها، وثمة حكاية وراءها، في قصر الحمراء بغرناطة كانت تلك الأسود تشير للوقت، وتعمل بنظام الساعة المائية المنتظمة، تأتيها المياه من جبال «سير نيفادا» من دون مضخات، وتستمر في انسيابيتها طوال العام بنظام هندسي، وحسابي دقيق، لكن الإسبان بعد استسلام غرناطة وسقوطها، عبثوا بتحريك بعض تلك الأحجار، وديناميكية المياه، فتوقف الزمن، وضاع الوقت، وبقيت الأسود خارج الزمن.
ساعة العاصمة البوليفية، هذه الساعة المقلوبة عقاربها أو الصحيحة في مسيرها، لا ندري لماذا نعد عقارب الساعة الصحيحة تلك التي تحبو من اليمين إلى اليسار، أدهشتني فكرتها، هي مثل من ينظر لنفسه في المرآة أو كمن يسافر ووجهه عكس سير القطار، فالناظر لنفسه في المرآة يعرف نفسه وحده، والمسافر بعكس سير القطار سيصل في الوقت نفسه مع المسافرين.
اشتهرت سويسرا بالصمت، والسرية المالية، والحياة الهادئة، وهنا سر الوقت، وسر ساعاتها التي تسير بانضباط، هنا في سويسرا يضبط العالم وقته على ساعاتها، لكن حتى الساعات المتوقفة تعطيك الوقت صحيحاً مرتين في اليوم.. وغداً نكمل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:33 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 11:57 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 01:57 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

انشغالات متنوعة التي ستثمر لاحقًا دعمًا وانفراجًا

GMT 01:57 2015 السبت ,03 كانون الثاني / يناير

الفنانة مي كساب تصوّر مسلسل "مفروسة أوي"

GMT 01:19 2014 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

استعد لتسجيل أغاني قديمة وحديثة لألبومي الجديد

GMT 11:27 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

جرأة وروعة الألوان في تصميم وحدات سكنية عصرية

GMT 22:04 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

جزيرة مالطا درة متلألئة في البحر المتوسط

GMT 21:59 2013 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

نشطاء على الفيس بوك يقيمون يومًا ترفيهيًا للأطفال الأيتام

GMT 09:20 2016 الأحد ,03 إبريل / نيسان

متفرقات الأحد

GMT 18:47 2013 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الصين تعرض تصدير 3200 ميغاواط من الكهرباء لباكستان

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة ترصد أهم خمسة أشياء تؤلم الرجل في علاقته مع شريكته

GMT 21:22 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل زيدان "في مهب الريح" للمرة الأولى

GMT 18:49 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

28 موديلا مختلفا لقصات الجيبات

GMT 04:49 2020 السبت ,18 إبريل / نيسان

تسريحات رفع ناعمة للشعر الطويل للعروس

GMT 03:10 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مي عمر تنضم لمسلسل محمد رمضان "البرنس" رمضان المقبل

GMT 02:53 2019 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

إطلاق مجموعة "لاكي موف"من دار "ميسيكا" باريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates