كان يراقبهم يكبرون

كان يراقبهم يكبرون

كان يراقبهم يكبرون

 صوت الإمارات -

كان يراقبهم يكبرون

بقلم : ناصر الظاهري

هو إنسان مهنته تقديم البسمة للداخلين والخارجين من الأهالي المسرعين صباحاً خوف التأخير، يجرون أطفالهم لصفوفهم أو في الظهيرة القاسية يتبعهم أطفالهم المنهكون من ساعات طويلة في الصفوف، كثير من الأهالي قد لا يعيرونه اهتماماً وسط حسابات الحياة، وبعضهم لا يتحقق حتى من تفاصيل وجه، هو في ذهنهم كتلة، يعرفونه بذلك الحجم الضئيل، والضعف الذي يتصف به غالبية سكان الساحل الهندي، تأكل من وجه تلك النظارة البنية الغامقة في وهج الشمس، فلا عينان لهما لون واضح يمكن أن تستوقفان نظرك، ويمكن أن تميزه بهما، ومثلما تغيب التفاصيل لتبرز الكتلة بلا تشكيل، يغيب اسمه، رغم أنه ينادى كثيراً باسمه بحكم عمله، والاحتياج لخدماته، إلا أن اسمه يخطف كدوامة ريح تحمل معها غبرتها.

هو بالتأكيد يعرف طلاب وطالبات المدرسة، ويميزهم بأشكالهم، فعادة وجوه الأطفال تمكث في قاع الذاكرة، وربما بأصواتهم التي تشبه هديل الحمام، ضحكته الصباحية للداخلين أكثر من حقيقية، وتشعره بأمن وظيفي لحين، أما حين خروج الطلاب فتجده متجهماً قليلاً، وحاداً مع الطلبة الذين يريدون الخروج دون أن تمسكهم أيادي أهاليهم، تجهمه قد يكون مردّه لذلك الفراغ الذي يأتي بعد الضجيج عادة، وربما أشعره بالوحدة في ذلك القفص الزجاجي الذي يلاصق مدخل المدرسة.

عرفته قبل تسع سنوات حينما حجلت بنتي في خطواتها الأولى نحو تلك المدرسة، في البداية كان السلام بيننا بالعيون أو رد ابتسامته بابتسامة قد لا تكون بأحسن منها، مع مرور السنة الأولى كان قد عرفني، وربما ساعد السائق الذي يعمل عندي، والذي هو من جنسيته في تقريب تلك المسافة من خلال دردشة سريعة بينهما حينما كان ينتظرني عند البوابة، كان يراقب نمو الأطفال، وكيف يكبرون بسرعة، والذين يذكرونه بأولاده هناك على ضفة بحر بعيد، والذين يراهم كل عامين، دون أن يشعر بنموهم كما هم أطفال مدرسته، فيجد عوضاً، ومرات غصة في الحلق.
كنت أراه هو، وتلك الشجرة الكبيرة بجانب جدار المدرسة من الداخل، وأتخيل كم من طلبة مروا عليه وعليها! هما الوحيدان اللذان يمكن أن يعرفا كل تلك التغييرات التي تطرأ على القمصان المدرسية، واتساع أحجامها من عام لعام، قد يتذكرهما طلاب كثر إن كانت ذاكرتهم طريّة، ويعرفون أن بين الفراغات في الحياة أشياء جميلة، ووجوه بشر، الخير مسلكهم، والرزق الحلال مطلبهم، وربما غابا من ذاكرة الموظفين اليوم، الطلاب بالأمس بفعل قسوة الحياة.

في بداية أول يوم في العام الدراسي، لم أر ذلك الوجه المسمر بالطبيعة، وقسوة الشمس هنا، والذي كان يرسل ابتسامته الصباحية للأهالي المسرعين دوماً في دخولهم وخروجهم.. وخشيت أن أسأل، مبقياً فرجة من أمل أنه في إجازة ويعود لذلك القفص الزجاجي عند بوابة المدرسة يراقب طلبتها وهم يكبرون بعجل!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: جريدة الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كان يراقبهم يكبرون كان يراقبهم يكبرون



GMT 14:48 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

المنصوري والنيادي عند شغاف النجوم

GMT 14:44 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

كل هذا الحب

GMT 14:43 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

رواية عظيمة لا تعرفها

GMT 14:38 2018 الثلاثاء ,04 أيلول / سبتمبر

مطار الشيخ زايد - أبوظبي"

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 02:59 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة
 صوت الإمارات - بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة

GMT 03:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف
 صوت الإمارات - تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 02:54 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 03:01 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 صوت الإمارات - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 19:57 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

تتحدى من يشكك فيك وتذهب بعيداً في إنجازاتك

GMT 21:09 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

"داميان هيندز" يطالب بتعليم الأطفال المهارات الرقمية

GMT 11:11 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حسن يوسف سعيد بالاشتراك في مسلسل "بالحب هنعدي"

GMT 03:01 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

حسين فهمي ووفاء عامر يستكملان "السر" لمدة أسبوع

GMT 16:07 2013 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم النينجا المكان الوحيد الذي تخدمك فيه النينجا

GMT 20:43 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تقدم الدعم الفني لجيبوتى لتأسيس أول معهد للفنون الشعبية

GMT 00:02 2020 الخميس ,21 أيار / مايو

ميسي ينعى فيلانوفا في ذكرى رحيله

GMT 04:12 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد تناول كوب نعناع في اليوم

GMT 18:59 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

سجون تحولت إلى فنادق فاخرة كانت تضمّ أخطر المجرمين في العالم

GMT 00:57 2019 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

روستوف أون دون مدينة السحر والجمال و تقع في جنوب روسيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates