بقلم : ناصر الظاهري
ما أكثر الدراسات، وما أضعف النتائج، أحياناً كثيرة أعتقد أن الدراسات التي يعلن عنها هنا وهناك، وتقوم بها مرات مؤسسات وهمية، ومرات تنسب لمراكز وجامعات لها مكانتها، وتقديرها العلمي والأدبي، أصبحت اليوم تجارة من لا تجارة له، مرة يظهرون القهوة، وفوائدها الكثيرة، وأنها تنشط القلب، وتزيد من المناعة، وتدر البول، وتنقي المثانة، ومرات تأتي دراسات أخرى تقلب كل تلك النتائج الطيبة التي أفرحتنا، وجعلت من ثغورنا تبتسم مع كل رشفة، والبعض من فرحه، يتبعها بشفطة سيجارة.. وهناك دراسات لا تقربوا اللحم الأحمر، وعليكم باللحم الأبيض، اللحم الأحمر يورث النقرس، ويضاعف الدهون، ويتلاعب بالكوليسترول، ويقلب الجيد إلى سيئ، ثم يأتي واحد من «إخوان شما» ويكاد أن يجزم بأن اللحم الأحمر هو الأصح، والأنفع، وليس مثله بروتين، وأن اللحم الأبيض فيه «السالمونيلا»، وهرمونات الأنوثة، أصحاب الدراسات يختارون الفصول ليقوموا بطرح نتائج دراساتهم، فإن كان الصيف مقبلاً، أظهروا نتائج الإيدز المرتفعة، وسربوها للخليجيين، وكأن الخليجيين معنيون بالأمر كثيراً، وهو أمر من باب الوقاية لهم، مرة «إيبولا»، ومرة «كورونا» ومرة «انفلونزا الطيور» و«انفلونزا الخنازير»، ويرجفوننا بدراسات عن أوبئة جاءت وانتهت، ولم نعرف معناها مثل «حمى تصدع الوادي».
هذه الأيام تكثر دراسات «والله أنها، ولكم عليها، وما تسر» مثل دراسة: النوم بجوار الزوجة في سرير واحد يتعب القلب، ويضعف الذاكرة، ودراسة: تعدد الزوجات يطيل عمر الرجل 12 في المائة، ودائماً تنسب لمراكز وهيئات جامعية أميركية وبريطانية، وتعال أنت وفتش عن هذه المراكز التي بلا اسم واضح، وبعدين لماذا 12 في المائة بالضبط، ودراسة: بعض الأطعمة تساعد على الانحراف، ودراسة: عن اكتشاف طبيب شرعي مصري دواء اسمه «الرحمة» للشفاء من السرطان، ودراسة عن كثرة الأسفار تتعب القلب، ودراسة قلة الحجامة تضعف القدرة، والتلفزيون في الصغر، كالوسم في الكبر، ولحم الخنزير يورث عدم الغيرة، والدياثة، طيب خلي واحد من هؤلاء المتشدقين بهذا النوع من الدراسات يقترب من زوجة ألماني أو من زوجة واحد روسي، وسنرى الذي لن يراه بأم عينه.
المشكلة أن الكثير من الصحف تنشر مثل هذه الدراسات، بعدما تنتشر في الوسائط الجديدة، وتذكرني هذه الدراسات ببعض الظواهر التي تطرأ على النباتات، وكانت منتشرة في الصحف، ويعدونها من معجزات الخلق، ويحاولون أن ينظروا فيها من زوايا لتظهر البسملة أو اسم الجلالة، وهي في النهاية هرمونات وأسمدة كيماوية!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد