تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

بقلم : ناصر الظاهري

يبقى الجنوب الفرنسي له عشاقه الذي لا يملونه صيفاً، أما شتاء فليس له إلا المخلصون لبيوتهم، الهاربون من صقيع الشمال، زيارتي له كانت متعددة، ولكل منها ما يذكرني بها، مرة كنت بين «نيس ومرسيليا»، وعادة ما أتوجه لهما بعد عودة المصطافين، وانقضاء الصيف، فالخريف له رائحة أخرى، وجمال يسحبك نحو صفرة جميلة لكل الأشياء، لكن ذات خريف منها، وفجأة انحبست فيهما، وضاقت أنفاسي بعد أيام جميلة وسعيدة، يومها وقف العالم على أطرافه، حين اشتعلت نيويورك ومدن أميركية بكارثة اهتز لها العالم.
لكن يظل جنوب فرنسا غاية من يريد السكون لنفسه، ويريد الانعتاق، ويريد أن يجد نفسه بعد سنوات من الضجيج، لذا هو المكان المفضل للمتقاعدين الأثرياء بعد أن يكونوا قد ملّوا من فجائع النفس، وما تأمر به من حيلة وانقضاض على أموال الآخرين، يتقاعدون لكي يسجلوا بطولاتهم الوهمية، وأنهم كانوا عصاميين، وبدأوا مشوار حياتهم بدولار واحد فقط، يحكونها لأناس أقعدهم خريف العمر أو لأناس يريدون أن يسلبوا أموال غني مشحم في آخر عمره، ولا يراعي صحته، ولا تناول أدويته بانتظام، مضطرين أن يسمعوا قبل أن يلهفوا، وهو يعرف غايتهم، لكنه يريد أحداً يسمعه حديثه المكرر، شبه الممل عن قيمة الشرف والأمانة والعصامية.
من مدن أعالي الجنوب، هناك مدينة صغيرة، يسمعها الناس عادة ولا يعرفونها، «فيشي» الغنية بمياهها العذبة والمعدنية، وما يتعلق بكريمات الجمال، وأدوية الصحة، ومحاربة تقدم العمر، لذا تجدها عاجّة بالعجائز، ومن هم في أرذل العمر، ربما لطقسها الجميل، وخضرتها الدائمة، ولوجود مصحات وأماكن استطباب، والهدوء الذي يحيط بها، زرتها لأول مرة لدراسة اللغة الفرنسية، وأنا طالب صغير في مدرسة «كافيلام»، وسكنت عند امرأة شبه متسلطة، كانت توحي لي أنها عملت مديرة مدرسة تابعة للراهبات، وأكلها كان صحيّاً أكثر من أن أتحمله، فهو أقرب لأكل عنابر المستشفيات، لذا كان جُلّ مصروفي يذهب لصالة «البلياردو والسنوكر» أو بصراحة لتلك السندويتشات الشهية، و«البافلو ونجز» الحارة، فقد اكتشفتها متأخراً، وما زالت عزيزة ولذيذة.
وما دمت في جنوب فرنسا، فلا بد وأن تأخذك قدماك إلى «تولوز» ولو مروراً عابراً، وتتبع نهر «لا غارون» الذي سيوصلك إلى هناك على مقربة من ساحل المحيط الأطلسي في الجنوب الغربي لفرنسا، حيث تقع مدينة مذهلة، هي «بوردو»، رائدة صناعة العنب، وقد عرفها العرب قديماً، وسيطروا عليها، وحكموها أيام الخلافة الأموية، وكانوا يسمونها «برديل أو برذال»، كانت مسكناً للملوك والنبلاء وكبار الإقطاع، خاصة منطقة «سانت إيمليون»، فيها تأسست أقدم جامعة، هي جامعة «بوردو» العريقة عام 1441م، لن تترك هذه المدينة القديمة إلا نشوان، لا من معصور عنبها، بل من عبقها التاريخي، وتلك الألفة والدفء الذي فيها.. مدينة تحبس يدك، ولا تجعلك تمر هكذا!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 02:43 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الصحف العالمية تتناول تحديات وآمال رئاسة جوزيف عون في لبنان
 صوت الإمارات - الصحف العالمية تتناول تحديات وآمال رئاسة جوزيف عون في لبنان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل
 صوت الإمارات - أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 02:29 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

بلينكن يعرب عن أمله في التوصل لاتفاق بشأن غزة قبل تنصيب ترامب
 صوت الإمارات - بلينكن يعرب عن أمله في التوصل لاتفاق بشأن غزة قبل تنصيب ترامب

GMT 02:45 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

إلغاء ميتا التثبت من الحقائق سيكون له ضرر في العالم الحقيقي
 صوت الإمارات - إلغاء ميتا التثبت من الحقائق سيكون له ضرر في العالم الحقيقي

GMT 11:57 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 13:56 2017 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

شيماء مصطفى تُقدّم حقائب من الجلد الطبيعي لعشّاق التميُّز

GMT 03:03 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

مهاجم إنتر يخضع لعملية جراحية ناجحة في ركبته اليمنى

GMT 18:13 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الأكسسوارات المنزلية جواهر تثمّن المشهد الزخرفي

GMT 08:06 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

محمد بن زايد يستقبل وفداً من البرلمان العربي

GMT 09:27 2019 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

طريقة سهلة وبسيطة لعمل تتبيلة السمك المقلي

GMT 23:45 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة لويس فويتون Louis Vuitton لربيع 2019

GMT 13:30 2018 الإثنين ,23 تموز / يوليو

الماس الأبيض يزيّن أصابعك بفخامة ورقي

GMT 13:15 2013 الإثنين ,16 كانون الأول / ديسمبر

بدء اجتماعات اللجنة العربية للإعلام الإلكتروني في القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates