تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر 1-

تذكرة.. وحقيبة سفر 1-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

ناصر الظاهري
بقلم : ناصر الظاهري

أصدقاء السفر العابرون كثر، علاقتنا معهم لا تتعدى الأيام أو رحلة يوم، قد ننساهم أو نتذكر بعضهم، من هؤلاء المارين في الأسفار سائقو الحافلات السياحية، هؤلاء تجدهم يتصفون بصفات متشابهة رغم اختلاف البلدان، وكأن المهنة الواحدة تطبعهم بطابعها أو هي جزء من تعاليم شركات السياحة الصارمة المفروضة عليهم، ليخرج السياح بانطباع الرضا عنها، وعن السياحة في البلد، ففي أوروبا تجدهم متشابهين في الأحجام الممتلئة، يمتازون بالصمت وخفة الدم والحرص على اكتمال عدد الفوج السياحي قبل أن تنطلق الحافلة، ومهارة القيادة بتلك الآلة ذات العجلات الثماني وتزيد في شوارع المدن الضيقة، يبدون للسياح أنهم أصدقاء مع المرشدين السياحيين، غير أنهم غير ذلك، فالعادة أن المرشدين يفرضون عليهم فرضاً، وليس هناك خيار في التوأمة بين سائق الحافلة والمرشد السياحي غير تلك السلة المصنوعة من القش، والتي عادة لا تمتلئ بنقود السياح «الفكة» والتي تخرج من جيوبهم بكسل وتثاقل في نهاية اليوم السياحي.

من هؤلاء السائقين من تعجبك أجسامهم، وهم يفتلون مقود الحافلة بتلك الانسيابية والرشاقة صعوداً في الطرق الوعرة أو نزولاً للأماكن الحلزونية الضيقة، بعضهم يختار أن يكون متميزاً، إما بشوارب تقص نصف وجهه أو بشعر طويل أو يكون حليقاً تماماً أو بوشم ظاهر على الساعد، بعضهم، وخاصة في البلدان العربية السياحية، يحاول أن يبدو للسائحات الأجنبيات بفحولة مكتملة، بعضهم يظهر بطولة كاذبة، سرعان ما سينساها السائحون في غمرة انشغالاتهم الكثيرة، لكنهم جميعهم بلا استثناء يوحون لك بعدم النجابة في الصفوف الدراسية، وأن دراستهم النظامية تعثرت كثيراً، لكنهم في بيوتهم تسير العائلة بانضباط تام، وكلمتهم هي العليا في ذلك الفضاء المنزلي، ولا يكترثون بمستقبل من كان الأول في صفهم.
من هؤلاء السائقين الذين ما برحوا الذاكرة، سائق عبر بنا جبال البرانس في إسبانيا، كان يقظاً في تلك المهاوي، لقد أشعرنا أننا من ذوي بيته، ويخاف علينا خوف الأخ الكبير، وواحد آخر ظل أسبوعاً يقودنا في مدن أوروبا، لكنني لم ألتفت إليه مرة، إلا ورأيت جفنه مطبقاً على الآخر أو يتثاءب بعد طعام الفطور أو تغلبه النسمة الباردة التي تأتي مباغتة من نافذته لرقبته المحمرة من صهد شهر أغسطس، وآخر كان متقاعداً وظريفاً سلك بنا طريق نابليون بونابرت القديم بين سويسرا وفرنسا، وهو طريق متعب وممل، وكثير الانحناءات، لأنه شق لكي تمر به الخيول والبغال، ويمر بالقرى الكثيرة، السائق الظريف كان يسأل كل كيلو متر شخصاً قروياً، وحين أوصلنا بعد رحلة شاقة اعترف لي بأنه لم يكن سائق حافلة من قبل، ولم يكن يعرف هذا الطريق، لكنه سمع من أبيه عنه وهو في صغره، واعتقد أن الثلوج دملته وأخفته خلال تلك السنوات البعيدة، لكنه اكتشفه الآن، ولأول مرة معنا.. وغداً نكمل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 02:43 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

الصحف العالمية تتناول تحديات وآمال رئاسة جوزيف عون في لبنان
 صوت الإمارات - الصحف العالمية تتناول تحديات وآمال رئاسة جوزيف عون في لبنان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل
 صوت الإمارات - أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 02:29 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

بلينكن يعرب عن أمله في التوصل لاتفاق بشأن غزة قبل تنصيب ترامب
 صوت الإمارات - بلينكن يعرب عن أمله في التوصل لاتفاق بشأن غزة قبل تنصيب ترامب

GMT 02:45 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

إلغاء ميتا التثبت من الحقائق سيكون له ضرر في العالم الحقيقي
 صوت الإمارات - إلغاء ميتا التثبت من الحقائق سيكون له ضرر في العالم الحقيقي

GMT 19:45 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

محمد صلاح يؤكد سعادته بفوز فريقه على ساوثهامتون

GMT 12:49 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

اكتشاف 4 مقابر لأطفال في أسوان أحدهم مصاب بشكل خطير

GMT 19:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:34 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

أحدث إطلالات جيجي حديد في اول ظهور لها في نيويورك

GMT 20:55 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

4 وفيات اثر حادث تصادم على الطريق الصحراوي

GMT 15:33 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

أنواع فيتامين "الأوميجا" تعمل على تغذية الجسم

GMT 14:42 2013 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

وحيد حامد في ضيافة خيري رمضان في برنامج "ممكن"

GMT 19:05 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

3 تطبيقات مجانية لمراقبة أداء أجهزة "آيفون"

GMT 14:49 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

الإعلام يساهم في تغير المجتمعات نحو الأفضل

GMT 10:43 2013 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة : غسل اليدين يزيد الطالب تفوقاً

GMT 00:49 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أفضل عطر نسائي للمرأة العاملة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates