تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

بقلم : ناصر الظاهري

في تلك المدن الباهتة، والخالية من حبة خال في خدها تميزها، والتي عزمت على رؤيتها لتكتف بالقول إني رأيتها مرة، ولن أعود ثانية، وإنني رأيتها ليزداد يقيني بأن هناك مدناً تزداد ألقاً إذا ما حضرت المقارنة، وتلك أمنية المسافر الشغوف، مشكلة تلك المدن الضبابية أنها لا تتغير، ولا يمكن أن تسعى للتغيير، فهي راضية بحالها، ولا تحب أن تبدل أحوالها، وغالباً ما تكون التذكرة لها مفتوحة على كل الاتجاهات، ودائماً ما تحضر تلك الأسئلة في حضورها وغيابها: ما ضرها وهي بذلك الغبش لو أسكنت إحدى جدرانها ساعة كحارسة لوقتها الذي يتثاءب على الدوام؟، ما لها لا تتصالح مع أحد فنانيها المغمورين بسببها، وتنحت له تمثالاً يزين واحدة من ساحاتها العارية كصلب حديد؟، كيف لا تلتفت لذلك الشارع القديم الذي يخترق منازلها، وتحوّطه بالشجر المنتقى، وتسوّره بالزهر الملون، ليضفي على يوم سكانها شيئاً من البهجة الغائبة؟، ما بالها لا تخجل من تلك الزاوية الذابلة، وتبتني فيها مقهى يضم نهار المتأملين، وليل المتصعلكين، مقهى يدون ثرثرات الناس، ضحكاتهم ساعة بسطهم، وحين يريدون أن يخبئوا حزنهم؟ كان يمكن لسوقها القديم أن يبث روائحه، ونداءات الباعة التقليديين، محتفظاً بذاكرة المكان، لولا سطوة الزجاج الذي غزا مبانيه، ولولا ذلك «الألمنيوم» الذي ضد الجمال بامتياز، شاخصاً بأسنانه البارزة، ولولا زحام شركات تبيع الزي في كل مدن العالم، بنفس الهيئة الساذجة، والطريقة البلهاء، وبذات روائح مشتقات النفط التي تتخلل نسيج خيوطه، وكأنها أكفان لناس عابرين اشتهوا الموت هنا، ليتها جعلت من تلك السفينة المُكَهّنة، الراقدة على جنبها منذ فارقت الماء، مرتضية بحظها من اليابسة، لو فقط عَدَلَتها، وجعلتها مطعماً يغشاه عشاق الليل، والهاربون من خطاياهم، لو فقط فتحت قلبها وذراعيها بالحب لأناس صادقين، لكانوا لوّنوا سماءها، وجعلوا منها مدينة أقرب لضلوع الصدر.
مدن ستبقى غائبة عن الذاكرة، باهتة فيها، لا يتذكرها المسافر إلا إذا ما فجع بمثلها أو أختها، أين منها تلك التي تغزل صباحها، وتنثر أفراحها، وتدلّك على شرفاتها، تلك التي تعشق الأزرق أو تلك التي تكون دافئة بالزهر والورد، وأنثى تتمطى بـ«بيجامتها» بكسل؟ أين منها تلك التي تسحبك من يدك، لتقول لك: أن ليلها شتاء لك ومن تهوى، وما تهوى، وأن ليلها صيفاً لكل عشاقها، وأنت منهم، ومن تهوى، وبما تهوى؟ أين منها تلك المدن الضاجّة بالعافية، ودبيب الناس؟ أين منها تلك المحروسة برجالها السبعة، وأناشيد الصوفية، وهوس التجلي؟ أين منها تلك التي تنتظرك مثل جدة رؤوم، عيناها معلقتان بالباب، وقلبها يرقص على خطوات ظل قادم من بعيد؟ أين منها مدن تخبئ لك ما نسيت، وتذكّرك بما نسيت، ولا تجعلك تغادر دون أن تصرّ في يدك عطراً من مسكها؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 05:27 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة
 صوت الإمارات - أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة

GMT 05:35 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة
 صوت الإمارات - الذكاء الاصطناعي يساهم في انبعاثات ضارة تؤثر سلباً على البيئة

GMT 12:25 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 06:44 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

معرضان مهمان لحبيب جورجي وفنان فنزويلي في القاهرة

GMT 05:23 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

120 ألف زائر لـ " مهرجان دبي وتراثنا الحي "

GMT 12:47 2013 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

الحكومة تدرس إنشاء 4 مجمعات تكنولوجية

GMT 12:22 2013 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

750مليار دولار فاتورة تزود العالم بالنفط والغاز 2014

GMT 10:20 2016 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

داغستان تحظر 40 موقعًا متشددًا من على "الإنترنت"

GMT 08:37 2016 الجمعة ,30 أيلول / سبتمبر

طرح "Hands of Stone" في دور العرض المصرية الخميس

GMT 17:55 2012 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

الطيور تستعين بأعقاب السجائر لطرد الآفات )

GMT 04:13 2016 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

"سك العملة" تشارك بجناح في معرض القاهرة للكتاب

GMT 19:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates