غياب متعة الأشياء

غياب متعة الأشياء

غياب متعة الأشياء

 صوت الإمارات -

غياب متعة الأشياء

بقلم : ناصر الظاهري

دائماً أتساءل، ولا أعرف على من نضع اللوم، علينا أم على ظروف الوقت، وتغير نمط الحياة؟، قديماً كان لكل شيء متعته، ورونقه ونكهته، تذهب إلى لندن، وتجلس في ذلك الفندق الملوكي، تحتسي شاي الساعة الخامسة مع الخبز والمربى والبسكويت، تشعر بمتعة الجلوس في ذلك المكان، وتشعر بمتعة الشاي الإنجليزي الصافي، وتحاول أن ترشف منه بصوت غير مسموع، على غير عادتك، تفرح بالعجائز الإنجليزيات المتصابيات بأرستقراطية زائلة، وذلك التأنق بحذر، وعجوز متهندم يوزع ابتساماته عليهن، عل هناك رمق يفرحه بشيخوخته المتهالكة، اليوم لا طقوس للشاي، ولا متعة لحضورها، ولا أحد يحرص أن يأتي في الساعة الخامسة عصراً على موعده، كعادة جميلة للثرثرة، وتقصي أخبار المدينة، واكتفى الناس بعادة شرب قهوتهم وقوفاً أو هم ماشين في الطرقات في كأسات ورقية أو معاد تدويرها، اختفت الرومانسية والرقي منذ أن فُتحت مقاهٍ على طريقة الوجبات السريعة

كانت هناك متعة في ارتياد الفنادق، والشعور أنك كالمسافر، وأن وجوهاً كثيرة متغيرة تمر أمامك

، وقد تعيرك انتباهاً، وقد تقول لك مرحباً من الخاطر، اليوم الفنادق محطات للعمل السريع، والمشاريع التي لا تعرف متى ستكتمل، وغداءات عمل لا تخلو من نصب مؤجل، وشباب لا تعرف متى تخرجوا في الجامعة ليعتركوا في خضم سوق العمل، ثَمّ عدم ثقة واضحة، عادة ما تربك جماليات صباحات الفنادق، وأمسياتها التي تشبه الخدر.

كانت متعة تناول أكلات الشعوب المختلفة، متعة التحلق حول طاولة مستديرة أو مكان دافئ يشبه الحجرات، والكبير والضيف والصديق والمطلع يتحدث، والصغير والمضيف والمتطلع للمعرفة يستمع، اليوم لا متعة في الأكلات السريعة، ومطاعمها التي تفوح منها رائحة قلي الزيوت المكثفة، تبدو الأشياء فيها بلاستيكية من مقاعدها وطاولاتها وتلك الأشياء الملونة بسذاجة، لا شيء حقيقي يجبرك أن تجلس بمتعة، والكل ساه، لاه في هاتفه، لا أحد يقول في تلك المطاعم السريعة: الحمد لله.. استمتعت بالأكل، كلهم ينفخ، ويتحسس بطنه، قائلاً: يا أخي.. شبعت، أووف!
كانت متعة الأغاني، تذهب بك فيروز في صباحاتها الندية، تناظر بيوتاً قرميدها من أحمر مبتل، وطائر الدوري يتقافز من شجرة الحور إلى شجرة صنوبر عجوز، ولا يكف عن الإنشاد، يتجلى عبد الحليم باعثاً شيئاً من عذابات المحب الصامت، وطهر العلاقات الحلوة، منتظراً قمراً سهراناً، اليوم غابت متعة الأغاني في القفز والحركات الحديدية أو ذهب في ميوعة الجسد الأنثوي المستأجر، أين متعة الرسائل الخطية بورق ملون، ومعطر؟ وإهداء أشرطة غنائية منوعة، اليوم لا متعة في الرسائل النصية، وتلك الأشكال الصورية الجاهزة، والورد الذي يشبه لوح زجاج، لقد تكسرت الكلمات حين تخلت اليد اليمنى في تدوينها، وخط حروفها وتنقيطها، وتركت اللوح الإلكتروني يكتب بدلاً منها كلمات لا تستقر على سطر، وخاوية، وقابلة للتشظي!
 المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
 نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غياب متعة الأشياء غياب متعة الأشياء



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 08:12 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"برشلونة يحسم صدارته للمجموعة الثانية في "دوري الأبطال

GMT 06:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

توم هانكس يؤكد أن عرض فيلم "غرايهاوند" 10 تموز

GMT 08:32 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مانشستر يونايتد يفقد شاو في مباراتين

GMT 13:17 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أروى جودة تُؤكِّد على عدم الاشتراك في مسلسل "قيد عائلي"

GMT 07:56 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

سيف بن زايد يستقبل شيخ الأزهر الشريف

GMT 00:51 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"برشلونة" يرغب في ضم البرازيلي إيميرسون أباريسيدو

GMT 01:16 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

فهمي الخولي يُقرر تحويل رواية "الأرض" إلى عرض مسرحي

GMT 13:40 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات أنيقة بالحجاب على طريقة الفاشونيستا صوفيا غودسون
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates