من أسئلة الحياة العصيّة

من أسئلة الحياة العصيّة

من أسئلة الحياة العصيّة

 صوت الإمارات -

من أسئلة الحياة العصيّة

بقلم : ناصر الظاهري

بعض الأمور تبدو لك منذ طرح دهشتها عليك، أنها عصّية على الفهم، تظل تبحث لها عن تفسير منطقي، فلا تجد غير مزيد من الأسئلة المتلاحقة، لذا تسميها الشعوب وتصفها بكلمة واحدة، هي الصدفة، فليلة الأمس حلمت بصديق قديم، فبدا لي أنه كما تركته قبل سنوات طوال يشتكي من المشكلات نفسها، ويردد الأحاديث نفسها، وأن أمنيته القديمة، ما زالت تتجدد في أن يحظى بفرصة عمل في الإمارات، ويئن من الأوجاع الوهمية نفسها، صحوت وتذكرت صديقة مشتركة معه، جمعتنا دروب الحياة، ثم فرّقتنا الظروف، وعشنا أجمل أيام لبنان، صباح هذا الْيَوْمَ عنّت عليّ معرفة أخبارها، وكيف هي الآن، وفِي أي بقعة من هذه الدنيا؟

نسيت حلم الصديق، وتذكرتها بشدة هذا الصباح، طقوس الماء، والإفطار التركي الشهي، وترتيب أولوياتي في التنقل الصعب في إسطنبول، أنساني شيئاً من تأملات الصباح الضرورية كصلاة، خرجت، وسألت السائق عن مكان يمكن أن أَجِد فيه مصفاة لماكينة القهوة، وهذا أمر من سهيلة، وطلبات «زيرانها»، لأنني لا أعرف ما هي هذه المصفاة، ولا أدري أصلاً أن تلك الآلة الرابضة في المطبخ تحتاج لمصفاة، فتعاملي معها من بعيد وبحذر، فقط تفرحني حين تسكت عن الصب، ويشير ضوؤها الأخضر إلى أن الكأس قد امتلأت، أوصلني السائق لمتجر، وقال انزل هنا، فمبتغاك إما هنا أو لا، قضيت ساعة أتفرج على محلات الملابس، كعادة طفولية، ونسيت المصفاة، حتى رأيت محلاً منزوياً، فدخلته، وأنا وجل من سؤال البائع، لأنه بالتأكيد سيسألني عن نوع ماكينة القهوة، ورقمها المصنعي المتسلسل، ساعتها الأبسط لي أن أخرج، وأقول لسهيلة، لم أَجِد ما طلبتِ، أقبل البائع عليّ ببشاشة، وأشعرني بأنه استحم صباح ذاك الْيَوْمَ، ظانّاً أنني ربما قادم لأشتري ثلاجة، أو أقلها مكيف طنّين ونصف، وليس مصفى ورق أبيض، وثمنه ليرات لا تصل للعشر، وهو أمر جعلني أقدم رجلاً وأؤخر رجلاً، خاصة أن المحل مكتظ بالنساء العارفات بلوازم المطبخ، منها الذي ينفع، ومنها الذي يشترينه، ولا يستعملنه إلا مرة واحدة، وفجأة ظهرت من تلك الكوكبة النسائية سيدة، وهي تقول بلهجتها اللبنانية: «مش معقول شو الدنيا إزغيره، شو هالصدفة الحلوة، وفِي تركيا»، فاعتقدت بداية أنها تريد أن تسألني شيئاً، أو تتحدث مع شخص آخر، فلما برّقت فيها جيداً، لم تسعني الفرحة، وألجمتني الدهشة، معقول هذا الذي يحدث! هي الصديقة نفسها التي تذكرتها هذا الصباح بشدة، وكنت أريد أن أعرف أين دنياها بعد سنوات من الفراق، لذا لا تسألوا الكتّاب كيف يكتبون، هي الحياة، وما تقدمه لنا من متناقضاتها، وأحداثها الكفيلة بكل شيء، والتي قد لا تحتاج إلا شراء مصفى بسيط لماكينة القهوة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من أسئلة الحياة العصيّة من أسئلة الحياة العصيّة



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates