تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر -1

تذكرة.. وحقيبة سفر -1

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

بقلم : ناصر الظاهري

لمن يعشقون باريس، ولا أبرئ نفسي منها.. باريس لا تختصر فرنسا الجميلة، بالرغم من أن لباريس عشقاً من نوع آخر، فيها الثقافة والمعرفة والفن والموسيقى والملابس والعطور، وأكلات الدنيا، والأشياء الجديدة المبهرة، فيها تلتقي بالعالم أو هي تحضر لك العالم، لكن فيها الجانب الآخر من الأرصفة، حيث تسكن عذابات الناس، وتوقف حظوظهم، وبعضهم ما عادوا يملكون تذكرة عبور لمكان آخر غير باريس التي غدت كوشم جميل لا يمحى، إلا أن لجنوب فرنسا سحره، ولمعة سمائه، وجمال ليله، وضجيج صيفه، فيه الهدوء إن اشتهيت الهدوء، وبعدت عن ضجة المدن، فيه الطبيعة الخضراء إن كانت عيناك وروحك بحاجة للتأمل وقراءة الحياة ومستجداتها، وما تفعل الأيام في البشر، وأين تقف أنت بعد كل هذه السنوات وخطى العمر، فيه اللقمة البدائية بطعم الريف كيف ما كان على حاله منذ الأزل، فيه البحر، غير أنه ليس مثل بحار الدنيا، بحر جميل بمن يؤمه، من النساء الحسناوات، واللهو والمتعة، وقضاء الأوقات بعفوية، يأتيه المصطافون من كل مكان، هو للفقراء وللأغنياء والذين يبحرون بسفنهم «الفنادق» على حواف المدن البحرية، المتأملون الناس عن بُعد، يأتيه المغامرون والمقامرون حيث يختلط ليلهم بنهارهم، بين ضحكات الفوز الفاجرة، ودموع الخسائر المتحجرة.

حين تنزل الجنوب ثمة قرى على أطراف المدن المشهورة، لكل واحدة رونقها وشخصيتها وخصوصيتها، منها قرى لا تتسع لأكثر من ثلاثين عائلة صغيرة، وقرى للعجائز في خريفهن وخرفهن، قرى تصنع العطور، وتلك التي تعصر العنب، وتلك التي لها رائحة الزهور والصابون، مثلما هناك مدن تسكن حد البحر، وظلت مخلصة له، يمكن أن تستطعم أطيب الأكلات البحرية وثمارها، في تلك المدن هناك مطاعم بعشرين «يورو» أو مما ينقدون، ومطاعم بألف ويزيد، لمن يريدون، لكن كلما مررت متجهاً إلى الجنوب أتوقف في «الإكس بروفانس»، هناك.. وقبل أكثر من ثلاثين عاماً، أمضيت وطراً من رمضان، وكنت أفطر عند عجوز يهودية من أصول مغاربية، كانت تقدم لي أشهى إفطار رمضاني، وكأنه لابنها الغائب، كانت تدير مطعماً ونزلاً عائلياً، اليوم غابت تفاصيله، مثلما غابت تفاصيل تلك العجوز الطيبة، حيث تكثر هذه الأشياء العائلية أو التي تدار بأفراد العائلة الواحدة في المناطق التي ما زالت على فطرتها، كما أتذكر مدينة بعينها، تسمى مدينة النسيم العليل، «افنيون»، مدينة ساحرة، وتزداد ألقاً في مهرجانها الصيفي، حيث يجتمع مسرحيو العالم الساخرون، وعشاق مسرح الطرقات والمهرجون، لا تترك «افنيون» إلا ويتبعك شيء منها، ومن ظلها، هي تاريخية تشهد قناطرها، ونهرها، وقلاعها، فتحسب نفسك لأول وهلة أنك في الأندلس، فقد صهلت مرة خيول الفتح هنا، هناك بقايا لكثير من المسلمين المتنورين ممن مروا من هنا، حاملين كتباً وقرطاساً وشيئاً مما يعرفون.. وغداً نكمل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:33 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 11:57 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 01:57 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

انشغالات متنوعة التي ستثمر لاحقًا دعمًا وانفراجًا

GMT 01:57 2015 السبت ,03 كانون الثاني / يناير

الفنانة مي كساب تصوّر مسلسل "مفروسة أوي"

GMT 01:19 2014 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

استعد لتسجيل أغاني قديمة وحديثة لألبومي الجديد

GMT 11:27 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

جرأة وروعة الألوان في تصميم وحدات سكنية عصرية

GMT 22:04 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

جزيرة مالطا درة متلألئة في البحر المتوسط

GMT 21:59 2013 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

نشطاء على الفيس بوك يقيمون يومًا ترفيهيًا للأطفال الأيتام

GMT 09:20 2016 الأحد ,03 إبريل / نيسان

متفرقات الأحد

GMT 18:47 2013 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الصين تعرض تصدير 3200 ميغاواط من الكهرباء لباكستان

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة ترصد أهم خمسة أشياء تؤلم الرجل في علاقته مع شريكته

GMT 21:22 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل زيدان "في مهب الريح" للمرة الأولى

GMT 18:49 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

28 موديلا مختلفا لقصات الجيبات

GMT 04:49 2020 السبت ,18 إبريل / نيسان

تسريحات رفع ناعمة للشعر الطويل للعروس

GMT 03:10 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مي عمر تنضم لمسلسل محمد رمضان "البرنس" رمضان المقبل

GMT 02:53 2019 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

إطلاق مجموعة "لاكي موف"من دار "ميسيكا" باريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates