الحرب في عيون الصغار

الحرب في عيون الصغار

الحرب في عيون الصغار

 صوت الإمارات -

الحرب في عيون الصغار

بقلم : ناصر الظاهري

اليوم تمر ذكرى حرب أكتوبر، مرور الكرام على أجيال لم يعاصروها، وأجيال يجهلون ما تعني، وكيف صنعت أموراً جميلة في النفس حينها، يمر يوم ذكراها باهتاً في معظم الدول العربية بعدما كانت تحتفل بها، مقيمة الأفراح والسهرات الغنائية، وتمجيد من قضوا فيها شهداء، هذا الحضور الباهت اليوم ربما مرده إلى غياب معظم الرعيل الأول الذي كان مشاركاً وشاهداً عليها، وبعد ما تغيرت الحياة، وانقلب كثير من مفاهيمها، وتجاوزتها الظروف السياسية، والمعطيات العسكرية، لكنها تبقى لشهداء الواجب وأهلهم مصدر فخر، وغار من كبرياء.

أتذكر تلك الحرب، وقد كنت صغيراً مع شيء من الوعي يتشكل، نتيجة أمور كثيرة، مقدرة، وموجهة، وفيها كثير من الحظ، وبعضها نتيجة الظروف المحيطة، والوقت المختلف، أتذكر حينها كان لدي راديو شبه «ترانزستور، بأريل»، فقد كان موضة في تلك الأوقات، فلا التلفزيونات كانت منتشرة، ولا المسجلات كانت معروفة، كنت صديقاً وفياً للراديو أستمع صباحاً لأغاني فيروز، وأنام على صوت المقرئ «محمود الحصري»، لكن حين اندلعت الحرب تحول ذلك الراديو إلى محطات مختلفة حسب ما يسعف الإرسال، بحثاً عن نشرة الأخبار أو جاءنا هذا النبأ الهام أو الخبر العاجل، تتبعت الحرب وأخبارها من خلال ذلك الراديو، وكنت أوجز للأصدقاء ما سمعت، وأحياناً بشيء من المبالغة، فطائرات العدو إن سقطت واحدة تصبح ثلاثاً، وقتلى الجانب الصهيوني في اليوم لا يقلون عن العشرات، أما مصيدة الدبابات، فكاد العدو الإسرائيلي يخسر أرتاله فيها، أما تحطيم خط «بارليف»، فكان الحديث عنه يتكرر، وفي كل مرة بطريقة مختلفة، لاحقاً أدركت أن داخل كل منا مذيعاً صغيراً اسمه «أحمد سعيد»، خاصة حين نتحدث عن حرب كفتها رجحت لصالح العرب، وتغلبنا الحماسة، وتؤججنا العواطف الجيّاشة.

بعد الحرب جاء كثير من المدرسين المصريين يدرسوننا في المدارس بعد ما كان الغالب منهم أردنيين وفلسطينيين وبحرينيين، جاءوا بعد الحرب مباشرة ربما في العام الدراسي 74-75، وكم كنت فرحاً ومندهشاً، وهم يقصون علينا بطولاتهم في حرب أكتوبر، وعبور سيناء وتحريرها، كانوا أقرب إلى ممثلي السينما، بتلك اللهجة التي نحبها فيهم، قليل منهم من قال إنه لم يشارك في تلك الحرب، ولو بصفة احتياط أو تطوع مدني، الآن أدرك أنه كان في دواخلهم مذيع مشهور اسمه «أحمد سعيد»، فقد بالغوا، لكن الصغار كانوا يحبون البطولات الخارقة، وكانوا يستمتعون بتلك القصص التي سرّب بعضها ذلك الراديو الجميل، صديق الليل والنهار.

الوعي أحياناً يكسر الأشياء، ويفكك سردها ونصوصها، ويدخل متعمقاً فيها، تاركاً السطح للبراءة، والمحبة الغالبة، وما تشتهي النفس غير المدركة من فرح، ولو كان معلقاً في طائرة ورقية كنّا نطلقها للريح ونتبعها بذلك الخيط الرفيع، كانت أمنية الصغار يومها أن يصبح كل واحد منهم طيّاراً، ليشارك في الدفاع عن وطنه الصغير والكبير.. تحية كريمة وخالصة لأبطال أكتوبر الحقيقيين.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب في عيون الصغار الحرب في عيون الصغار



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:33 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 11:57 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 01:57 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

انشغالات متنوعة التي ستثمر لاحقًا دعمًا وانفراجًا

GMT 01:57 2015 السبت ,03 كانون الثاني / يناير

الفنانة مي كساب تصوّر مسلسل "مفروسة أوي"

GMT 01:19 2014 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

استعد لتسجيل أغاني قديمة وحديثة لألبومي الجديد

GMT 11:27 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

جرأة وروعة الألوان في تصميم وحدات سكنية عصرية

GMT 22:04 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

جزيرة مالطا درة متلألئة في البحر المتوسط

GMT 21:59 2013 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

نشطاء على الفيس بوك يقيمون يومًا ترفيهيًا للأطفال الأيتام

GMT 09:20 2016 الأحد ,03 إبريل / نيسان

متفرقات الأحد

GMT 18:47 2013 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الصين تعرض تصدير 3200 ميغاواط من الكهرباء لباكستان

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة ترصد أهم خمسة أشياء تؤلم الرجل في علاقته مع شريكته

GMT 21:22 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل زيدان "في مهب الريح" للمرة الأولى

GMT 18:49 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

28 موديلا مختلفا لقصات الجيبات

GMT 04:49 2020 السبت ,18 إبريل / نيسان

تسريحات رفع ناعمة للشعر الطويل للعروس

GMT 03:10 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مي عمر تنضم لمسلسل محمد رمضان "البرنس" رمضان المقبل

GMT 02:53 2019 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

إطلاق مجموعة "لاكي موف"من دار "ميسيكا" باريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates