بقلم : ناصر الظاهري
- «يا كثر الفلبينيات في «كريسماس»، تقول مقطوع سرهن ذيك الليلة، بس الميزة فيهن تلك الفرحة الدائمة، والبهجة البادية على محياهن، كأن العيد عيدهن، وكأن كل مشكلاتهن انحلت فجأة، العرب يُعيّدون يومين، وهن أسبوع والفرحة ما فارقتهن، طبعاً الشعر مبلول مرتين في اليوم، من كثرة سبوحهن الذي يشبه سبوح الصفاصيف، بعض الشعوب تخلق فرحها الخاص من الفرح العام، وتزيد عليه شيئاً له معنى بالنسبة لها».
- حين تتوحش المدن، وتغرس أنيابها في الجشع المادي، تفقد الأشياء براءتها، ولا يبقى للفقير مكان إلا خارج ظل عباءتها، تقسو عليه، فتحرمه حتى من أفراحها الصغيرة، يغدو من الصغر والذل كجرو غريب عن الحي، حين تتوحش المدن يتلاشى الإنسان البسيط فارضة عليه عنجهيتها، ولا تطرق الشفقة أو الرحمة باب أحد في تلك المدن المتوحشة كحيوان إسطوري من صلب وحديد.
- «ليش مرات كثيرة، يكون «قبل» أحسن من «بعد»، بعكس كل الإعلانات التي تفترض أن «بعد» بالضرورة هو أحسن من «قبل»، والدليل تعدد العمليات، وكثرة التغييرات والتبديلات، ونسيان ما «قبل» وما «بعد»، ولن ترتاح حواء من الحك والكشط والنفخ والشفط حتى تظهر الآدمة الطينية الأولى أو الصلصال القديم، حيث لا «قبل» بعدها ولا «بعد» في حياتها القصيرة الهاربة».
- «مساكين نحن حين كنّا صغاراً، لا نجسر أن نطلب لعبة، ولا علبة بسكويت، ليس الخوف من عدم تلبية طلبنا، لأن أي شيء كان يفرحنا في زمن الفاقة، الخوف أن يتحول الطلب إلى لطمة ثم لدموع وغصة، اليوم حين أرى الصغار وطلباتهم التي لا تنتهي، ورغبة جامحة عند الوالدين لتلبية طلبات أطفالهم حتى تحول إلى «بزا» اشتروا لي وإلا بصيح، لا الأب قادر أن يفتن لأن برطم الأم يسبق صائح البنت، ولا قادر يلطم لأنها ممكن تطمح لبيت أهلها من ساعتها، حين أرى تلك الفروق بين جيل مسكين لم يعرف اللعب، وسلبت منه طفولته باتجاه الرجولة المبكرة، وجيل متخم بالألعاب والتسالي وبالدلع حتى كبر، أتذكر المثل الألماني الذي يبدو أنه كان مطبقاً علينا نحن فقط جيل المساكين: «كثرة السكر للأطفال يتلف أسنان الآباء».
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد