بقلم - ناصر الظاهري
من الأمور النادرة جداً أن أتابع مسلسلاً خليجياً بالكامل إلا فيما ندر، وأخص الذي يقدم المتميز والمختلف، ويتحدث عن بيئة حقيقية، وأناس نعرفهم، ومكان له رائحة مختلفة، هو أقرب للبحر وأقرب للصحراء، ويكف عن البكائيات المكسيكية والنواحات الهندية، و«التزرير» التركي، ورضف هـ«الخلقان التي تشبه الزل»، والغوص في الرومانسية وجواري العصر الجديد.. ومع ذلك هناك مسلسلات خليجية نرى بها العجب، ولا نشاهده إلا فيها فقط:
- عادي جداً تشوف واحدة في غرفة نومها، لابسة «كعب عالي»!
- عادي جداً تشوف واحدة قائمة من النوم بكل مكياجها، وكحلها، ورموشها الفراشة، تقول «سايرة لغَيّ أو رادّة من طماشه»!
- عادي جداً العائلة جالسة في صالة البيت، وكلهم «مطّقمين»، تقول إنهم ضيوف أو «متخيطرين» عند أحد، كلهم «يونيفورم»!
- عادي جداً تشوف الجميع في المسلسلات «المكسي تركي خليجي» يبكي من الفرح! المهم البكاء في أي موقف، لأن مسلسل خليجي من دون بكاء، يظهر مسلسل رومانسي!
- عادي جداً تسمع أن «ميرفت» طامح عند بيت أهلها، «طيب.. غيري بدلي يا ميرفت، شاوري عقلك أو شاوري المخرج هاني الذي عافد في وسط حوش، ويتحسب أن ميرفت رابية بين هالرمول»!
- عادي جداً تشوف عائلة «متضولة على صرود، ويأكلون من صحن واحد داخل الليوان، والرياييل واضحة الأمور عندهم، يدبغون بالخمس، وفجأة تسمع «شتراوس» بموسيقاه الصادحة، عاد «شتراوس» وسط الحوي، وعلى ضولة على صينية عيش!
- عادي جداً تشوف البطل من أيام ما قبل النفط بقليل، ويظهر وهو صابغ الحِيّات والشنب يصلّ من القطران تقول جناح غراب، وبعده عاشق وولهان، ويحب مديحة بنت الجيران، «ما قصورهم إلا يخلونه يشيل كتباً تحت باطه»، كما كان يفعل محمود يس، وهو بلغ من العمر دون الخمسين، ليلتقي بنجلاء فتحي بعد خروجهما من محاضرة في جامعة القاهرة في أفلام الثمانينيات أيام السوالف وباروكة الشعر والقميص الضيق وبنطلون الشارلستون!
- عادي جداً تشوف البطل الخليجي، إما رجل أعمال أو رجل أعمال!
- عادي جداً أن تبدأ القصة في المسلسلات الخليجية، وبعدين يشوفون لها نهاية تناسبها!
- عادي جداً ما تشوف عائلة سوية في المسلسل، لازم ولد متجه للمخدرات، وبنت رافضة الزواج من الذي تقدم لها، وتريد أن تتزوج واحداً غيره، والأم حائرة بين واقع الحال، وأحلام البنت، وهنا تنهار بالبكاء ليل نهار، والأب يظهر أن له علاقات مع سكرتيرة، ويسافر للخارج دوماً، وفي نهاية المسلسل ينتبه لولده الذي ضاع من يده، ويرجع في آخر حلقتين للبلد، وحين يعرف الحال، يضع يده على قلبه، ويصاب بشلل نصفي، لتأتي الزوجة، وتجد الابن ساقط مغشياً، والأب على الأرض، فاقد النطق، لتنهار من البكاء، ويصيح العويل، وتظهر موسيقى «موتسارت» اللحن الجنائزي!