آهات من بحر التعب

آهات من بحر التعب

آهات من بحر التعب

 صوت الإمارات -

آهات من بحر التعب

بقلم : ناصر الظاهري

- حين يستيقظ، ولا يجد حديقة خضراء في بيته، أو ثمة أشجاراً تحتل أركانه، تنهض عطشى أو ذابلة، أو بحراً يمتد من شطآنه إلى شطآنه، لا يرى شيئاً، غير قفص أسمنتي، معلق، معزول، ومطلية جدرانه!

- حين يلتفت إلى العمر المنقضي، ولا يجد من صلبه، من يكون عكازته، أو يمسك بيده، يوصله إلى كرسيه الخريفي في حديقته، حيث ترك هناك كتاباً قديماً، ونظارة رقيقة، وذكرى رفيقة، كانت سبقته إلى المحطة الباردة، وهو اليوم يحنّ لها بألم عجوز، مسن، يشتهي التنقل والانتقال!

- حين يكبر مع مدينة، هي كل شقاء حبه، وقلقه، وألقه، وماء عينه، وحين كبرت وكبر، لم يجد زاوية ظليلة تحنو عليه، وتضم خرفه، وآخر عمره!

- حين يتفقد أركان بيته الجديد، ولا يجد نخلة فارعة، زاهية، تشعره أنها من أهل بيته، وأن شعراً زغباً له أو لأبنائه دفن تحت ثراها، وأنها ما زالت تتفقد الغائب، وأن عينها على الآيب!

- حين يذهب في بلاد الله، كدرويش مسبح بالحمد، وآيات الله، يريد أن ينقش أشياءه على صدور من يهوى، لكن في ليل التجلي، ومِسك الصوفية، وسلاطين المعرفة، يغيّب الدروب، وقبس النور، وأسماء من كان يغوى!

- حين يريد أن يرجع إلى صباه، يتذكر طفولة نضجت على عجل، ويريد أن يمسك بخيوطها الأولى، يعيد كرة إلى رفيقه، يمسك بطائرة ورق قرمزية سرقتها الريح في غفلة منه، يسمع لنداء أمه، ويعود للبيت قبل حلول الليل، ليستحم، ويكتحل، ويطارد جن الحكايات، يريد تلمس كل تلك الأشياء، فلا يجد رفاق المكان الأول، ولا أصدقاء مقعد الصف الأول، ولا أطلال المنزل الأول!

- حين ترهقه الدنيا، وترهقه أسئلتها المتأخرة، أين ذهب أصدقاء الدنيا، وأين أعداء الدنيا؟ وأين الاختلاف والخلاف على الدنيا؟ يتلفت فلا يجد إلا نفسه، ومرآة تظهر عدو نفسه!

- حين يريد أن يذهب صوب خصوصيات كانت عطراً، وكانت سهماً من وقت، وكانت عمراً، كانت ترجف القلب، وكانت تخضّبه، لكنه قبل أن يصلها، ويوصلها، جاء من جزّ العشب والورد، وكان خالي القلب، عديم الود!

- حين لا يفقهون من صلاته غير التمتمة، ولا من أذانه غير الهمهمة، ولا من الدعاء للجميع بالعفو والعافية غير الطمطمة!

- حين يفتش في الأسماء، ولا يجد اسمه، حين يفتش في الوجوه، ولا يجد وجهه، حينها تخرج كل تلك الآهات التي من بحر التعب!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آهات من بحر التعب آهات من بحر التعب



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 13:33 2017 الأحد ,24 أيلول / سبتمبر

مقتل صحافية أميركية وأمها السورية في تركيا

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 07:44 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يرغب في تخطي عقبة مضيفه باريس سان جيرمان الأربعاء

GMT 21:53 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

فائدة النعناع لعلاج احتقان الانف والتهابات

GMT 00:26 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

توقيف زوج الفنانة نانسي عجرم بعد قتله لصا مسلحا

GMT 06:46 2019 الأربعاء ,10 إبريل / نيسان

غسل الشعر بواسطة البلسم فقط

GMT 15:28 2018 الأربعاء ,25 تموز / يوليو

الفساتين الصيفية" لإطلالة شاطئ مشرقة وأنيقة"

GMT 06:03 2014 الثلاثاء ,19 آب / أغسطس

افتتاح معرض كاريكاتير "نرسم لغزة" في رام الله

GMT 05:42 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحذية المدببة تتربع على عرش موضة الربيع لموسم 2016
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates