ناصر الظاهري
هناك بعض العبارات التي تتكرر في حياتنا بشكل يومي، وتثير الضحك فينا أو الشفقة أحياناً على من يطرحها، وأحياناً تصل حد الغثيان، وتشعر أن معدتك تريد أن تخرج من مكانها، هي جمل تشعر أنها ليست من صنع أو قول أحد، تشعر أنها لا أب لها، وأن مسكنها الشارع، وأنها تأتي لمن ينادي عليها، هي غدت من «فبركات» الإعلاميين أصحاب القوالب مسبقة الصنع، وسد الفراغ بين السطور.
من بين هذه الجمل أو العبارات، والتي ما أن أسمعها، حتى يتعكر مزاجي، وتنقلب نفسيتي، ولعل الكثير منكم يشاطرني الرأي، لأنكم ستدركون بأنفسكم كم مرة سمعتموها! وكم مرة ضقتم، ونفرتم، أو ضحكتم منها، لأن جوابها عادة معروف وجاهز من قبل كل الناس.
من أشهر تلك العبارات المقيتة: عبارة ممكن أن تصف لي شعورك أو تخبرني عن شعورك هذه اللحظة، أو ماهو شعورك؟ هذا السؤال الأجرب الذي لا يدلّ إلا على بلادة المذيعة أو بداية عمل لصحفي مرتجف أو إعلامية تاهت بها السبل، وحظها الخائب أتى بها إلى حقل الألغام «الإعلام»، وهي المسكينة تريد أن تخلّص عملها، وترد للبيت مبكراً، لأن وراءها أشغال كثيرة، فليس أمامها إلا سؤال ما هو شعورك؟ لاعب فائز في المباراة ما هو شعورك؟ حارس مرمى «ريال مدريد» دخلت عليه 5 أهداف، - وهذه صعبة - يمكن أن تصف لنا شعورك؟ مدرب منتخب اليمن مودع بطولة كأس الخليج مبكراً، من فضلك ممكن تخبرنا، والسادة المشاهدين عن شعورك؟ رجّال آت من الحج، ماهو شعورك؟ واحد خارج من الجمعية، وعايف عمره، ماهو شعورك؟ آخر خارج مع أولاده، ومزدحم جداً بمناسبة العودة إلى المدارس، ومشتري حقائب مدرسية لأولاده الخمسة، وزوجته متينة، وميتة من الحر والرطوبة، وهو مكتف بفتح النوافذ، وهناك سيارة تقف خلف سيارته، وتفاجئه المذيعة بسؤال ماهو شعورك؟
بعد هطول الأمطار ما هو شعورك؟ في أسبوع المرور ما هو شعورك؟ بعد رفع الإيجارات ما هو شعورك؟ بعد غلاء المعيشة ما هو شعورك؟ قبل القمة الخليجية ما هو شعورك؟ بعد إنجاز مواقف العاصمة ما هو شعورك؟ بعد زيادة رسوم الكهرباء والماء، ما هو شعورك؟ بعد افتتاح «ياس مول» ما هو شعورك؟ بمناسبة انتهاء الـ«فورمولا وان» ما هو شعورك؟ في العيد الوطني، ماهو شعورك كمواطن؟
فيرد المواطن بعفوية: والله بصراحة.. شعوري شعور أي مواطن حصّل على بيت شعبي!
"الاتحاد"