محمد الجوكر
ظاهرة «الشيشة» ليست غريبة على مجتمعاتنا العربية عامة، والخليجية خاصة، ونراها بشكل كبير وجلي لدى الشارع الرياضي العربي، وتحديداً عند متابعة بطولات الكرة، تجد عشاق ومحبي الساحرة المستديرة من الشباب العربي، يضطرون إلى الذهاب المقاهي، سواء جماعات أو فرادى، ويرتادون كذلك الأندية والأماكن التي تتوفر لهم فيها مقومات المشاهدة والمتابعة للمباريات، خاصة بطولة كأس العالم..
وتشعرهم هذه المنتديات والملتقيات بالراحة النفسية، نظراً لامتعاضهم الشديد من قضية «تشفير» المباريات، والتي تحصل عليها حصرياً بعض الباقات والقنوات الكبرى، وتتحول هذه الأماكن إلى ساحة تشجيع مثيرة مليئة بالسعادة والقلق، لدى مشاعر المشاهد، حيث يأمل كل مشجع الفوز لفريقه المفضل..
وهذه الظاهرة تنتشر في مجتمعنا الآن، بشكل لافت للنظر، مع تفشي ظاهرة التشفير أكثر وأكثر، وبعد أن أصبح دورينا أيضاً خارج نطاق المتابعة في المنزل، إلا عبر بطاقة تحل هذا اللغز، ومعها يلجأ الغالبية، ومنهم صغار السن، للذهاب إلى المقاهي لمتابعة الأحداث الكروية الكبيرة، مثل كأس العالم وكأس أوروبا والدوريات المشفرة المحلية والخارجية..
وتمتلئ المقاهي والمتاجر بأنواع السلع المرتبطة بهذه الأحداث، من قمصان وإعلام وشعارات، خاصة أن الشركات التجارية صارت تضع في إعلاناتها صور كبار اللاعبين، إضافة إلى العروض التي تقدمها المطاعم والهدايا المتعلقة بالنهائيات، حيث هذه المناسبة فرصة لتعويض المقاهي خسائرها طوال العام، بعد أن ذهب حقوق بث المباريات حصرية لقنوات معينة..
لا تقبل إلا عملاء التشفير، ما أدى إلى اندفاع الشباب العربي بصفة عامة إلى المقاهي التي توفر شاشات تلفزيونية كبيرة، وكل أنواع الترفيه والتسلية، خاصة «الشيشة»، لمشاهدة المباريات، بشرط دفع مبلغ محترم من المال، مقابل «المزاج» والطعام والشراب وخلافه، وهناك عدة جهات رياضية محلية، كل في موقعه، توفر الأماكن التي هيأت نفسها لتقديم وجبة دسمة، لعشاق كرة القدم.
* ولا شك أن الكرة اليوم أصبحت لعبة خطيرة، ترتبط بثقافة اللاعب، سواء المحترف أو الهاوي، حيث يستمتع الزائر للمقاهي وقد أمسك بيده الشيشة، ليتابع نجومه والمنتخبات المفضلة لديه، ويقوم أصحاب الفنادق والمقاهي بالكثير من التجهيزات لتشجيع الجماهير، وحثهم على مشاهدة المباريات، خاصة «عرس» كأس العالم، ولديهم بعض الإغراءات..
حيث يلاحظ انتشار الشاشات الكبيرة وصور وأعلام المنتخبات المشاركة في المونديال، ويبدو أن الجمهور العربي الوحيد المغلوب على أمره، قد حسم مصيره، وقرر مشاهدة المباريات على طريقته الخاصة..
ومتابعة المباريات في المقاهي أو الفنادق، كل حسب إمكاناته، ولكن لو تعمقنا قليلاً باللجوء إلى هذه المواقع، يتكشف لنا أن هذه الظاهرة خطيرة، لو لم نتداركها كمسؤولين عرب عن الإعلام والرياضة، ربما ندفع ثمنها عاجلاً أو آجلاً، إذا لم نضع حلولاً لهذه الأزمة التي تقف عند حد معين، بل هي مستمرة، ترجع إلى ثقافة الرياضي..
والرياضة العربية عامة تعاني من ظاهرة استخدام هذه الآفة الخطيرة التي تهدد مستقبل شبابنا ولاعبينا الذين تفشت بينهم أيضاً ظاهرة «الشيشة»، كأنها تسلية، ويغفل مشرفوه وإداريوه ليذهب للاستمتاع بجو المقاهي مع آخر مزاج مع (الشيشة)، التي تحتوي على معسل سلوم وعنب وتفاح، وغيرها من المسميات التي أصبحت معروفة في وسط المدخنين من الرياضيين..
وهذه الظاهرة السلبية موجودة في جميع دول الشرق الأوسط، وما دفعني للكتابة في هذا الموضوع، ما قرأته بالأمس في الزميلة «الإمارات اليوم»، عن خروج بعض لاعبي المنتخب الأول من معسكر الأردن قبل السفر إلى رام الله، وملاقاة المنتخب الفلسطيني، لتناول «الشيشة»، وأكثر ما أعجبني، هو الرد العقلاني لرئيس اتحاد الكرة، يوسف السركال! ونكتفي بذلك لكي لا نعطي للقضية أكبر من حجمها.. والله من وراء القصد.