علي أبو الريش
هل التاريخ يعيد نفسه؟ ربما يكون ذلك صحيحاً في مسألة العلاقة المشبوهة ما بين الحوثيين وإيران، ففي التاريخ يحكى أنه عندما غزا الأحباش اليمن، استعان سيف بن ذي يزن بملك الفرس، فطرد هذا الأحباشي وولى على عدن قائده «المرزبان»، واستمر حكم الفرس لليمن مدة قرن، فكان حكماً مزرياً قميئاً شوفينياً، عنصرياً، ويبدو أن عبدالملك الحوثي لكي يحقق أجندته البغيضة في اليمن، وجد نفسه في حضرة السطوة الفارسية، مستعيناً بهذه القوة الغاشمة على حساب وطنه وأهله، وشرعية بلاده، وعروبته، ولكن يبدو أن الحوثيين لم يستوعبوا مجريات التاريخ ولا متطلبات المرحلة ولا شيمة الجغرافيا ولا قيمة الثوابت، فمرزبان الأمس لن يكون مرزبان اليوم، اليوم، تعيش المنطقة يقظة عروبية ناصحة، صادمة، قادمة، طارحة كل الأوهام التاريخية التي تنادي بها إيران ويصدقها الحوثي، رافضة هذا التبجح والتأرجح، معلنة الخلاص النهائي من كل أولئك الذين يبيعون أوطانهم لحساب مكاسب آنية ومصلحية ومذهبية، وأنانية، اليوم بفضل الرجال الأوفياء في بلادنا الحبيبة دولة الإمارات، وكذلك المملكة العربية السعودية، استطاع هؤلاء أن يفضحوا الجريمة النكراء، وأن يهزوا الصنم الإيراني ويخلخلوا أضلاعه ويزلزلوا قلاعه ويجلجلوا ويجللوا أرض اليمن بدماء الشرفاء الذين هبوا لنجدة الشقيق، ورفع الضيم عن المغبونين والمظلومين والمكسورين، ورفع راية الجهاد من أجل يمن حر كريم معافى من دون التبعية، مشافى من مرض السلبية، وليحرروا الأرض من دنس الخونة ورجس سدنة الشعارات الجوفاء والمبادئ الخرقاء.
المرزبان لن تكون له مواطئ قدم على أرض اليمن، لأن الأحرار في الخليج العربي شمروا عن سواعد الحزم، وبسطوا شرشف العزم، وقالوا بجزم وحسم، اليمن لليمنيين والسلطة للشرعية، قلائد ليس لقيم ولا تأسيس لنقم ولا تسييس لنعم، بل نعم ونعم، لحرية اليمن وخلاصه من سيئات الزمن وسوءات المحن.
المرزبان وهم من أوهام إيران، وشيء من شنآن وخوان وطوفان وطغيان وغثيان وهذيان، أراد الفارسي أن يرسخه واقعاً، فأبت الضمائر الحية إلا أن تدحضه وترفضه وتلفظه، وتجعله نسياً منسياً في تاريخ اليمن الحديث.
المرزبان مشروع إيراني قديم قِدم الوهم التاريخي، أفشله الكرماء وأحبطه النبلاء، حتى أصبح الحوثي اليوم يعض أصابع الندم على ما جنته له أخيلته المريضة، ولكن أي ندم هذا، إنه ندم يوم لا ينفع الندم، ولا يشفع البكاء على اللبن المسكوب والحلم المنكوب والطموح المغلوب والوهم الضائع في شعاب وهضاب وعذاب الخسائر الفادحة التي مني بها هؤلاء، قتلة الأبرياء، وشذاذ الآفاق.